للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَفَعَه: "مَنْ خَالَفَ دِينَهُ دِينَ الإسْلَام، فَاضْرِبُوا عُنُقه"، قاله في "الفتح".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد ظهر بهذا أن الحقّ أن المراد بالدين هو الإسلام، فقَتلُ من ارتدّ عن دينه خاصّ بالدين الإسلاميّ فقط. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٠٦٢ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ, عَنْ عِكْرِمَةَ, أَنَّ نَاسًا ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلَامِ, فَحَرَّقَهُمْ عَلِيٌّ بِالنَّارِ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ أَحَدًا» , وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَقَتَلْتُهُمْ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا.

و"أبو هشام": هو المغيرة بن سلمة المخزوميّ البصريّ، ثقة ثبت، من صغار [٩] ٢٨/ ٨١٥. و"وُهيب": هو ابن خالد بن عجلان الباهليّ، أبو بكر البصريّ، ثقة ثبت، لكنه تغيّر قليلاً بآخره [٧] ٢١/ ٤٢٧ و"أيوب" هو السختيانيّ. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عِكْرِمة، أنَّ نَاسًا ارْتَدُّوا عَنْ الإسْلَامِ، فَحَرَّقَهُمْ عَلِيِّ بِالنَّارِ) وفي رواية للبخاريّ: "أُتيّ بزنادقة، فأحرقهم"، وسيأتي قريبًا معنى الزنادقة، وفي رواية الْحُمَيْدِيّ، عَنْ سُفْيَان: "حَرَقَ الْمُرْتَدِّينَ". ورواه ابْن أبِي شَيْبَة من وجه آخر بلفظ: "كَانَ أُنَاس يَعْبُدُونَ الأَصْنَام فِي السِّرّ"، وَعِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي "الأَوْسَط" مِنْ طَرِيق سُوَيْد بْن غَفَلَة: "أَنَّ عَليًّا بَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا، ارْتدُّوا عَنْ الإسْلَام، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَأَطْعَمَهُمْ، ثُمَّ دَعَاهُم إِلَى الإسْلام، فَأَبَوْا، فَحَفَرَ حَفِيرَة، ثُمَّ أَتَى بهِمْ، فَضَرَبَ أَعْنَاقهمْ، وَرَمَاهُمْ فِيهَا، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ الْحَطَب، فَأَحْرَقَهُم، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّه وَرَسُوله" (١).

وفي رواية لأحمد: "أن عليًّا أُتي بقوم من هؤلاء الزنادقة، ومعهم كتب، فأمر بنار، فأُجّجت، ثم أحرقهم وكتبهم". وروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الرحمن بن عبيد، عن أبيه، قال: "كان ناس يعبدون الأصنام في السرّ، ويأخذون العطاء، فأُتي بهم عليّ، فوضعهم في السجن، واستشار الناس، فقالوا: اقتلهم، فقال: لا، بل أصنع بهم كما صُنع بأبينا إبراهيم، فحرّقهم بالنار" (٢).

وَزَعَمَ أَبُو الْمُظَفَّر الإسْفَرَايِنِيّ فِي "الْمِلَل والنِّحَل" أَنَّ الَّذِينَ أَحْرَقَهُمْ عَلِيّ طَائِفَة مِنْ


(١) "فتح" ١٤/ ٢٧٠ - ٢٧١.
(٢) "فتح" ٦/ ٢٦٠. "كتاب الجهاد" رقم الحديث ٣٠١٧.