للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزبير، والشعبيّ، والحسن. وقال الشعبيّ: إن أكرهه اللصوص، فليس بطلاق، وإن أكرهه السلطان فهو طلاق. وفسّره ابن عيينة، فقال: إن اللصّ يُقدِمُ على قتله، والسلطان لا يقتله. ذكره القرطبيّ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أَنَّ قول الجمهور في هذا هو الحقّ؛ لحديث: "إن اللَّه وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استُكرهوا عليه". رواه ابن ماجه، وغيره، وهو حديث صحيح، كما تقدّم بيانه، وقوله - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "لا طلاق، ولا عَتاق في إغلاق"، رواه أحمد، وأبو داود، وهو حديث حسنٌ. ومعنى الإغلاق: الإكراه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): بيع المكره، إن كان لأجل حقّ وجب عليه جائزٌ، ماضٍ عليه، لا رجوع له فيه عند الفقهاء؛ لأنه يلزمه أداء ذلك الحقّ، فلما لم يفعل كان بيعه اختيارًا منه، فلزمه.

وأما إذا كان الإكراه ظلمًا، وقهرًا، فلا يجوز ذلك البيع، وهو أولى بمتاعه، يأخذه بلا ثمن، ويتّبع المشتري بالثمن ذلك الظالم، فإن فات المتاع رجع بثمنه، أو بقيمته بالأكثر من ذلك على الظالم، إذا كان المشتري غير عالم بظلمه. قال سُحنون: أجمع أصحابنا يعني المالكيّة- وأهل العراق على أن بيع المكره على الظلم والجور لا يجوز. وقال الأبهريّ: إنه إجماع. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): في اختلاف العلماء في نكاح المكره:

قال سحنون: أجمع المالكيّة على إبطال نكاح المكره والمكرهة، وقالوا: لا يجوز المقام عليه؛ لأنه لم ينعقد. قال محمد بن سُحنون: وأجاز أهل العراق نكاح المكره، وقالوا: لو أكره على أن ينكح امرأة بعشرة آلاف درهم، وصداق مثلها ألف درهم، أن النكاح جائز، وتلزمه الألف، ويبطل الفضل. قال: فكما أبطلوا الزائد على الألف، فكذلك يلزمهم إبطال النكاح بالإكراه، وقولهم خلاف السنّة الثابتة في حديث خنساء بنت خِذَام الأنصاريّة، ولأمره - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - بالاستثمار في أبضاعهنّ، فلا معنى لقولهم. ذكره القرطبيّ. وهو تحقيق حسن، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة العاشرة): إذا استُكرهت المرأة على الزنى، فلا حدّ عليها؛ لقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ}، وقوله - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "إن تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استُكرهوا عليه"؛ ولقوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، يريد الفتيات. وبهذا المعنى حكم عمر في الوليدة التي استكرهها العبد، فلم يحدّها. والعلماء متّفقون على أنه لا حدّ على امرأة مستكرهة. وقال مالك: إذا وُجدت المرأة