للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاملًا، وليس لها زوجٌ، فقالت: استُكرهت، فلا يُقبل ذلك منها، وعليها الحدّ، إلا أن تكون لها بيّنة، أو جاءت تَدْمِي على أنها أُوتيت، أو ما أشبه ذلك، واحتجّ بحديث عمر بن الخطاب - رضي اللَّه تعالى -عنه أنه قال: "الرجم في كتاب اللَّه حقّ على من زنى من الرجال والنساء، إذا أُحصن، إذا قامت البيّنة، أو كان الحبل، أو الاعتراف". قال ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: وبالقول الأول أقول.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وأنا أيضًا به أقول؛ لأن زناها لم يثبت ببيّنة، ولا باعتراف، بل ادّعت الإكراه، فلا حدّ عليها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الحادية عشرة): إذا أُكره الرجل أن يسلم زوجته لمن لا تحلّ له جاز له تسليمها، ولا يقتل نفسه دونها، ولا تحمّل أذيّة في تخليصها، والأصل في ذلك ما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، قال: قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "هاجر إبراهيم - عليه السلام - بسارة، فدخل بها قرية، فيها ملك من الملوك"، أو " جبار من الجبابرة، فقيل: دخل إبراهيم بامرأة، هي من أحسن النساء، فأرسل إليه، أن يا إبراهيم من هذه التي معك؟ قال: أختي، ثم رجع إليها، فقال: لا تكذّبي حديثي، فإني أخبرتهم أنك أختي، واللَّه إن على الأرض مؤمن غيري وغيرك، فأرسل بها إليه، فقام إليها، فقامت توضأ وتصلي، فقالت: اللهم إن كنتُ آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجي، إلا على زوجي، فلا تسلط عليّ الكافر، فغُطَّ، حتى رَكَضَ برجله" الحديث.

فهذا الحديث دليلٌ على ما قلناه، ودليلٌ أيضًا على أنه لا لوم على المستكرهة، ولا حد عليها. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية عشرة): أجمع العلماء على أن من أُكره على الكفر، فاختار القتل أنه أعظم أجرًا عند اللَّه ممن اختار الرخصة. واختلفوا فيمن أكره على غير القتل من فعل ما لا يحلّ له، فقال أصحاب مالك: الأخذ بالشدّة في ذلك، واختيار القتل، والضرب أفضل عند اللَّه من الأخذ بالرخصة. ذكره ابن حبيب، وسُحنون. وذكر ابن سُحنون عن أهل العراق أنه إذا تُهُدّد بقتل، أو قطع، أو ضرب، يخاف منه التلف، فله أن يفعل ما أُكره عليه، من شرب خمر، أو أكل خنزير، فإن لم يفعل حتى قُتل خِفنا أن يكون آثمًا؛ لأنه كالمضطرّ.

وقد أخرج البخاريّ من حديث خباب بن الأرت - رضي اللَّه تعالى عنه -، قال: شكونا إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو متوسد بردة له، في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا