للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكر أصحاب السير والمغازي عن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - قال: هَجَت امرأة النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، فقال: "من لي بها؟ " فقال رجلٌ من قومها: أنا، فنهض، فقتلها، فأُخبر النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، فقال: "لا ينتطح فيها عنزان". وفي ذلك بضعة عشر حديثًا ما بين صحاح، وحسان، ومشاهير، وهو إجماع الصحابة - رضي اللَّه تعالى عنهم -.

وقد ذكر حربٌ في "مسائله" عن مجاهد، قال: أتي عمر - رضي اللَّه تعالى عنه - برجل سبّ النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، فقتله، ثم قال عمر - رضي اللَّه تعالى عنه -: من سبّ اللَّه ورسوله، أو سب أحدًا من الأنبياء، فاقتلوه. ثم قال مجاهد عن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: أيما مسلم سبّ اللَّه ورسوله، أو سبّ أحدًا من الأنبياء، فقد كذب برسول اللَّه صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، وهي ردّة، يُستتاب منها، فإن رجع، وإلا قُتل، وأيّما معاهد عاند، فسبّ اللَّه، أو سبّ أحدًا من الأنبياء، أو جهر به، فقد نقض العهد، فاقتلوه.

وذكر أحمد عن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - أنه مرّ به راهب، فقيل له: هذا يسبّ النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، فقال ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: لو سمعته لقتلته، إنا لم نُعطهم الذمة على أن يسبوا نبينا. والآثار عن الصحابة بذلك كثيرة.

وحكى غير واحد من الأئمة الإجماع على قتله. قال شيخنا يعني ابن تيمية -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وهو محمول على إجماع الصدر الأول، من الصحابة، والتابعين.

قال: وأما تركه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - قتل من قدح في عدله بقوله: "اعدِل، فإنك لم تعدل". أخرجه مسلم. وفي حكمه بقوله: "أن كان ابن عمّتك؟ "، متّفقٌ عليه. وفي قصده بقوله: "إن هذه قسمة ما أُريد بها وجه اللَّه"، أو في خلوته بقوله: "يقولون: إنك تنهى عن الغيّ، وتستخلي به (١)). وغير ذلك، فذلك أن الحقّ له، فله أن يستوفيه،


(١) هو ما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، فقال:
١٩٥٣٨ - حدثنا إسماعيل، أخبرنا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، أن أخاه، أو عمه قام إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: جيراني بما أُخذوا؟، فأعرض عنه، قال: جيراني بما أخذوا؟، فأعرض عنه، ثم قال: جيراني بما أخذوا؟، فأعرض عنه، قال: لئن قلت ذاك، لقد زعم الناس، أن محمدا ينهى عن الغي، ويستخلي به، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما قال؟، فقام أخوه، أو ابن أخيه، فقال: يا رسول اللَّه إنه إنه، فقال: "أما لقد قلتموها"، أو"قال قائلكم، ولئن كنت أفعل ذلك، إنه لعليّ، وما هو عليكم، خلوا له عن جيرانه". وسنده حسنٌ، ومعنى "يستخلي به" أي يستقلّ به، وينفرد. وسيأتي الحديث للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى- في "باب قطع السارق" برقم ٤٨٧٥ مختصرًا، إن شاء اللَّه تعالى.