للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القُوَى يشبه تضاعف الأعضاء الحاملة لها (فَأَتَيَا رَسُول اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ) جمع آية، وهي العلامة الظاهرة، تُستعمل في المحسوسات، كعلامة الطريق، وغيرها، كالحكم الواضح، والمراد بها في الحديث: إِما المعجزات التسع، كما هو المراد في قوله تعالى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ} [النمل: ١٢]، وعلى هذا فالجواب في الحديث متروك، ترك ذكره الراوي، وقوله: "لا تُشركوا باللَّه شيئًا الخ" كلام مستأنف، ذُكر عقب الجواب. وإمّا الأحكام العامّة الشاملة للملل كلها، كما جُوّز ذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ} الآية [الإسراء: ١٠١]، وعلى هذا فالمذكور في الحديث هو الجواب، لكن زيد فيه ذِكْرُ: "وعليكم خاصّةً يهود الخ"؛ لزيادة الإفادة. قاله السنديّ (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد وقع التصريح في رواية أحمد بأن هذه الآيات التسع هي المذكورة في هذا الحديث، ولفظه من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة: "قال يهوديّ لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبيّ حتى نسأله عن هذه الآيات: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: ١٠١] " الحديث. فهذا صريح في كون المراد بها ما في الآية.

وقال الإمام ابن كثير -رحمه اللَّه تعالى- في "تفسيره" بعد إيراد حديث الباب: ما نصّه: وهو حديث مشكل، وعبد اللَّه بن سَلِمَة في حفظه شيء، وقد تكلّموا فيه، ولعلّه اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات، فإنها وصايا في التوراة، لا تعلّق لها بقيام الحجة على فرعون. واللَّه أعلم. انتهى كلام ابن كثير (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر أن قوله في هذا الحديث: "عن تسع آيات" خطأ أخطأ فيه عبد اللَّه بن سلمة لسوء حفظه، فلعلّه اشتبه عليه عشر كلمات بتسع آيات كما قاله ابن كثير -رحمه اللَّه تعالى- آنفًا، فالظاهر أنهما سألاه عن عشر كلمات، وهي التي ذُكرت في الحديث، وعاشرها قوله: "وعليكم خاصّةً يهود الخ".

وأما التسع الآيات المذكورة في الآيتين الكريمتين، وهي التي أوتيها موسى عليه السلام فغير العشر الكلمات التي ذُكرت في هذا الحديث، وهي أيضًا مذكورة في التوراة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

وقال ابن كثير أيضًا في بيان المراد بتسع آيات في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} الآية [الإسراء: ١٠١]: ما حاصله: وهي العصا، واليد، والسنين، والبحر، والطوفان، والجراد، والقُمّل، والضفادع، والدم آيات مفصّلات. قاله ابن


(١) "شرح السنديّ" ٧/ ١١١.
(٢) "تفسير بن كثير" ٣/ ٧٠ - ٧١. "تفسير سورة الإسراء".