للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حماد بن زيد، رواه عن عمرو بن ديار، عن عبد اللَّه بن عمرو، كما رواه حاتم بن أبي صغيرة هنا، فتكون روايته متابعة لرواية خالد. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو) بن العاص - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يقُولُ: "مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ" أي عنده، أو من أجله. قال أبو العبّاس القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: "دون" أصلها ظرف مكان، بمعنى "أسفل"، و"تحت"، وهو نقيض "فوقُ"، وقد استعملت مي هذا الحديث بمعنى "لأجل" السببيّة، وهو مجازٌ، وتوسّعٌ، ووجهه أن الذي يُقاتل على ماله إنما يجعله خلفه، أو تحته، ثم يقاتل عليه. انتهى (١).

(فقُتل) بالبناء للمفعول (فَهُوَ شَهِيدٌ) قال النَّضر بن شُميل: سُمي شهيداً؛ لِأنَّهُ حَيّ؛ لأَنَّ أَرْوَاحهمْ شَهدَت دَار السَّلام، وأرْواح غيرهم لا تشهدها إِلا يوْم القِيامة. وقال ابن الأتبارِيّ: لأن اللَّه تعالى، وملائِكته عليهِم السلام، يشهدُون لهُ بِالجنَّةِ. فمعْنى شهِيد: مشهُود لهُ. وقِيل: سُمي شهِيدًا لأنةُ يشهد عِتد خُرُوج رُوحه، ما لهُ من الثواب، والكرامة، كما قال اللَّه تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: ١٧٠]. وقِيل: لأنَّ ملائكة الرَّحمْة يشهدُونهُ، فيأخُذُون رُوحه. وقِيل: لأنَّهُ شُهِد لهُ الإيمان، وخاتِمة الخير بِظاهِرِ حاله. وقِيل: لأن عليهِ شاهِدًا، يشهد بِكوْنِهِ شهِيدًا، وهُو دمه، فإِنَّهُ يُبعث وجُرْحه يثعبُ دمًا. وحكى الأزهرِيّ، وغيره قوْلاً آخر، أنهُ سُمي شهِيدًا؛ لِكوْنِهِ مِمن يشهد يوْم القِيامة على الأُمم، وعلى هذا القوْل لا اختصاص لهُ بهذا السبب. (٢).

وفي الحديث قصّة بيّنها مسلم في"صحيحه" من طريق سليمان الأحول، أن ثابتا هو ابن عياض- مولى عمر بن عبد الرحمن أخبره، أنه لَمّا كان بين عبد اللَّه بن عمرو، وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان، تَيَسّرُوا (٣) للقتال، فركِب خالد بن العاص، إلى عبد اللَّه ابن عمرو، فوعظه خالد، فقال عبد اللَّه بن عمرو: أما علمت أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "من قُتِل دون ماله، فهِو شهيد". انتهى.

قال في "الفتح": وأشار بِقوْلِهِ: "ما كان" إِلى ما بيَّنهُ حيوة في رِوايتِهِ المُشار إِليها (٤)، فإِن أوَّلها: "أنَّ عامِلا لِمُعاوِية، أجرى عينًا من ماء؛ لِيسْقِي بهِا أرْضا، فدنا من حائِط


(١) "المفهم" ١/ ٣٥٢ "كتاب الإيمان".
(٢) "شرح مسلم" ٢/ ١٦٣ - ١٦٤. بزيادة من "المفهم" ١/ ٣٥٢.
(٣) أي تهيّئوا للقتال.
(٤) هي التي ذكرها في "الفتح" بقوله: "وكذلك رواه حيوة بن شُريح، عن أبي الأسود بهذا اللفظ، أخرجه الطبريّ. وسيأتي هذا في شرح الحديث الثاني، إن شاء اللَّه تعالى.