للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

متأولاً تاويلًا مسوّغًا بوجه. انتهى (١).

وقال في "الفتح": معنى الحديث حمل السلاح على المسلمين لقتالهم به بغير حقّ؛ لما في ذلك من تخويفهم، وإدخال الرعب عليهم، لا من حمله لحراستهم مثلا، فإنه يحمله لهم، لا عليهم (٢).

قال: وكأنه كنى بالحمل عن المقاتلة، أو القتل للملازمة الغالبة. قال ابن دقيق العيد -رحمه اللَّه تعالى-: يحتمل أن يراد بالحمل ما يُضادّ الوضع، ويكون كنايةً عن القتال به، ويحتمل أن يُراد بالحمل حملها؛ إرادة القتال به لقرينة قوله: "علينا". ويحتمل أن يكون المراد حمله للضرب به، وعلى كلّ حال ففيه دلالة على تحريم قتال المسلمين، والتشديد فيه. وقال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: جاء الحديث بلفظ: "من حمل علينا السلاح"، أخرجه البزّار، من حديث أبي بكرة، ومن حديث سمُرة، ومن حديث عمرو ابن عوف، وفي سند كلّ منها لينٌ، لكنّها يعضد بعضها بعضًا. وعند أحمد من حديث أبي هريرة بلفظ: "من رمانا بالنبل، فليس منّا" "، وهو عند الطبرانيّ في "الأوسط بلفظ: "الليل" بدل "النبل"، وعند البزّار من حديث بُريدة مثله. انتهى (٣).

(فَلَيْسَ مِنَّا) قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: مذهب أهل الحقّ أنه لا يُكفّر أحدٌ من المسلمين بارتكاب كبيرة ما عدا الشرك، وعدى هذا فيُحمل قوله - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم: "ليس منّا" في حن مِثلِ هذا على معنى: ليس على طريقتنا، ولا على شريعتنا، إذ سنّة المسلمين، وشريعتهم التواصل، والتراحم، لا التقاطع، والتقاتل، ويَجري هذا مَجرى قوله - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -: "من غشّنا، فليس منّا"، ونظائره، وتكون فائدته الردع، والزجر عن الوقوع في مثل ذلك، كما يقول الوالد لولده إذا سلك غير سبيله: لستُ منك، ولستَ مني، كما قال الشاعر:

إِذَا حَاوَلْتَ فِي أَسَدٍ فُجُورًا … فِإنِّي لَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي

انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (٤).

وقال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح مسلم": مذهب أهل السنّة والفقهاء أن من حمل السلاح على المسلمين بغير حقّ، ولا تأويل، ولم يستحلّه، فهو عاص، ولا يكفر بذلك، فإن استحلّه كفر. فأما تأويل الحديث، فقيل: هو محمولٌ على المستحلّ بغير


(١) "المفهم" ١/ ٢٩٩. "كتاب الإيمان".
(٢) "فتح" ١٤/ ١٧٨ "كتاب الديات" حديث رقم ٦٨٧٤.
(٣) "فتح" ١٤/ ٥١٧ - ٥١٨ "كتاب الفتن" حديث رقم ٧٠٧٠.
(٤) "المفهم" ١/ ٣٠٠ "كتاب الإيمان".