للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تأويل، فيكفر، ويخرُج من الملّة. وقيل: معناه ليس على سيرتنا الكاملة، وهدينا. وكان سفيان بن عُيينة -رحمه اللَّه تعالى- يَكرَه قول من يُفسّره بـ "ليس على هدينا"، ويقول: بئس هذا القول، يعني بل يُمسَك عن تأويله؛ ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ لي الزجر. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "فليس منّا": أي ليس على طريقتنا، أو ليس متّبعًا لطريقتنا؛ لأن من حقّ المسلم على المسلم أن ينصُره، ويُقاتل دونه، لا أن يُرعبه يحمل السلاح عليه لإرادة قتاله، أو قتله، ونظيره: "من غشّنا فليس منّا"، و"ليس منّا من ضرب الخدود، وشقّ الجيوب". وهذا في حقّ من لا يستحلّ ذلك، فأما من يستحقه، فإنه يكفر باستحلال المحرّم بشرطه، لا مُجرّد حمل السلاح. والأولى عند كثير من السلف إطلاق لفظ الخبر من غير تعزض لتأويله؛ ليكون أبلغ في الزجر. وكان سفيان بن عُيينة يُنكر على من يصرفه عن ظاهره، فيقول: معناه ليس على طريقتنا، ويرى أن الإمساك عن تأويله أولى لما ذكرناه. والوعيد المذكور لا يتناول من قاتل البغاة من أهل الحقّ، فيُحمل على البغاة، وعلى من بدأ بالقتال ظالمًا. قاله في "الفتح" (٢) واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المساله الأولى): في درجته:

حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٢٦/ ٤١٠٢ - وفي "الكبرى" ٢٦/ ٣٥٦٣. وأخرجه (خ) في "الديات" ٦٨٧٤ و"الفتن" ٧٠٧٠ (م) في "الإيمان" ٩٨ (ق) في "الحدود" ٢٥٧٦ (أحمد) "في مسند المكثرين"٤٤٥٣ و ٤٦٣٥ و ٥١٢٧ و ٦٢٤١ و٦٣٤٥. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان حكم من شهر سيفه على المسلمين، وهو أنه ليس له حرمتهم، بل يقتل. (ومنها): تحريم حمل السلاح على المسلمين من غير حقّ؛ لما فيه من ترويعهم، وتخويفهم، بغير سبب شرعيّ. (ومنها): عظم حرمة المسلمين عند اللَّه تعالى، فلا يحلّ لأحد أن يتعرض لهم بأذى؛ إلا بما


(١) "شرح مسلم" ٢/ ١٠٨ "كتاب الإيمان".
(٢) "فتح" ١٤/ ٥١٨. "كتاب الفتن" حديث رقم ٧٠٧٠.