(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان حكم قتال المسلم، وهو أنه كفرٌ، على ما تقدّم من بيان المراد بالكفر هنا. (ومنها): أن فيه تعظيم حقّ المسلم، والحكم على سبّه بغير حقّ بالفسق، وعلى من قاتله بالكفر. (ومنها): أن فيه الردّ على المرجئة القائلين بأن المعاصي لا تضرّ مع الإيمان، وفي "صحيح البخاريّ" من طريق شعبة، عن زُبيد، قال: سألت أبا وائل عن المرجئة؟ فقال: حدّثني عبد اللَّه يعني ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -، أن النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - قال:"سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر"، يعني أن مذهبهم هذا باطلٌ، فكأنه قال: كيف يكون مذهبهم حقًّا، وقد خالف قول النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - هذا، فمراده إبطال رأيهم الفاسد المذكور.
[فإن قيل]: هذا، وإن تضمّن الردّ على المرجئة، لكن ظاهره يقوّي مذهب الخوارج الذين يُكفّرون بالمعاصي.
[أجيب]: بأن المبالغة في الرَّدّ على المبتدعة اقتضت ذلك، ولا متمسّك للخوارج فيه؛ لأن ظاهره غير مراد، لكن لَمّا كان القتال أشدّ من السباب؛ لأنه مفض إلى إزهاق الروح، عبر عنه بلفظ أشدّ من لفظ الفسق، وهو الكفر، ولم يُرِد به الكفر المخرج عن المقة، وإنما أراد المبالغة في الحديث، معتمدًا على ما تقرّر من القواعد أن مثله لا يُخرج عن الملّة، مثل أحاديث الشفاعة، وغيرها (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، وتقدّموا. و"عبد الرحمن": هو ابن مهديّ. و"أبو إسحاق": هو السبيعيّ المذكور في السند السابق. و"أبو الأحوص": هو عوف بن مالك بن نَضْلَة الْجُشَميّ الكوفيّ، ثقة [٣] ٥٠/ ٨٤٩.
والحديث موقوفٌ صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا- ٢٧/ ٤١٠٧ و ٤١٠٨ و ٤١٠٩ و ٤١١٤ - وفي "الكبرى" ٢٧/ ٣٥٦٨ و ٣٥٦٩ و ٣٥٧٠