للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "أبو داود": هو الطيالسيّ. و"منصور": هو ابن المعتمر. و"سليمان": هو الأعمش. و"زُبيد": هو الحارث اليامي. و"أبو وائل": هو شقيق بن سلمة.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أن حمّادًا هنا هو ابن أبي سُليمان، وهو شيخٌ لشعبة، وكان مرجئًا، والظاهر أنه جرى بينه وبين شعبة النقاش في الإرجاء، فذكر له شعبة هذا الحديث محتجًّا عليه، ثم قال له: أتتّهم هؤلاء الرواة، إنهم حدّثوا بحديث غير ثابت عن النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -؟، فقال: لا أتهمهم، وإنما أتّهم شيخهم، أبا وائل.

وإنما اتّهم أبا وائل؛ لأنه كان يردّ على هذا الرأي الباطل، ويذكر حديث ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا احتجاجًا على إبطاله، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه" من طريق شعبة، عن زبيد، قال: سألت أبا وائل عن المرجئة؟ فقال: حدّثني عبد اللَّه أن النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - قال: "سباب المسلم فسوقٌ، وقتاله كفر". وفي رواية أبي داود الطيالسيّ، عن شعبة، عن زبيد، قال: لما ظهرت المرجئة، أتيت أبا وائل، فذكرت ذلك له".

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: فظهر من هذا أن سؤاله كان عن معتقدهم، وأن ذلك كان حين ظهورهم، وكانت وفاة أبي وائل سنة (٩٩)، وقيل: سنة (٨٢)، ففي ذلك دليلٌ على أن بدعة الإرجاء قديمة انتهى (١).

ثمّ إن اتّهام حماد لأبي وائل بهذا الحديث اتّهام باطلٌ، وذلك لأن أبا وائل من العدول الثقات، الذين شهد لهم أهل عصرهم، ومن بعدهم بالعدالة، والصيانة، وبرّؤوهم من وصمة الاتهامات، فقال الأعمش، عن إبراهيم: عليك بشقيق، فإني أدركت الناس، وهم متوافرون، دهانهم ليعدّونه من خيارهم. وقال إسحاق بن منصور، عن ابن معين: ثقة، لا يُسأل عنه. وقال وكيع: كان ثقة. وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال ابن حبّان: سكن الكوفة، وكان من عُبّادها. وقال العجليّ: رجل صالح. وقال ابن عبد البرّ: أجمعوا على أنه ثقة (٢).

وايضا، فلم ينفرد أبو وائل برواية هذا الحديث عن ابن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -، فقد تابعه أبو الأحوص، وعبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، كما تقدّم للمصنّف في هذا الباب، وأبو عمرو الشيبانيّ عند أبي يعلى في "مسنده"٤٩٩١ - والأسود، وهُبيرة


(١) "فتح" ١/ ١٥٤.
(٢) راجع ترجمته في "تهذيب التهذيب" ٢/ ١٧٨ - ١٧٩. وغيره.