للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) رضي الله تعالى عنه، أنه (قَالَ: بَايَعْنَا) تقدّم معنى البيعة فِي شرح الترجمة (رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وكانت تلك المبايعة ليلة العقبة، كما قاله فِي "الفتح".

قَالَ أبو العبّاس القرطبيّ: هذه البيعة تُسمّى بيعة الأمراء، وسُمّيت بذلك؛ لأن المقصود بها تأكيد السمع والطاعة عَلَى الأمراء. وقد كان عبادة رضي الله تعالى عنه بايع رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم بيعة النساء، وسميت بذلك؛ لأنه لم يكن فيها ذكر حرب، ولا قتال. وقد بايع النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم أصحابه بيعة الرضوان، وسمّيت بذلك لقول الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨] انتهى (١).

(عَلَى السَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ) متعلّق بـ"بايعنا"، و"عَلَى" بمعنى اللام، أو بتضمين "بايعنا" معنى العهد، أي عاهدناه عَلَى أن نسمع كلامه، ونطيع أمره، وكذا منْ يقوم بعده مقامه منْ الخلفاء (فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ) وفي رواية إسماعيل بن عُبيد عند أحمد: "وعلى النفقة فِي العسر واليسر" (وَالْمَنْشَطِ) بفتح الميم، والمعجمة، وسكون النون بينهما: أي فِي حالة نشاطنا (وَالْمَكْرَهِ) بضبط ما قبله: أي فِي الحالة التي نكون فيها عاجزين عن العمل بما نؤمر به. ونقل ابن التين عن الداوديّ أن المراد الأشياء التي يكرهونها. قَالَ ابن التين: والظاهر أنه أراد فِي وقت الكسل والمشقة فِي الخروج؛ ليطابق قوله: "فِي المنشط"، ويؤيّده ما وقع فِي رواية إسماعيل بن عُبيد بن رفاعة، عن عبادة، عند أحمد:

"فِي النشاط والكسل". قاله فِي "الفتح".

وَقَالَ السنديّ: الْمَنشَطُ، والْمَكْره: مَفْعلٌ بفتح الميم والعين، منْ النشاط، والكراهة، وهما مصدران، أي فِي حالة النشاط والكراهة، أي حالة انشراح صدورنا، وطيب قلوبنا، وما يُضادّ ذلك. أو اسما زمان، والمعنى واضح. أو اسما مكان: أي فيما فيه نشاطهم، وكراهتهم. كذا قيل، ولا يخفى أن ما ذكره منْ المعنى عَلَى تقدير كونهما اسمي مكان مجازيّ، وكذا قَالَ بعضهم: كونهما اسمي مكان بعيد. انتهى (٢).

زاد فِي الآتية: "وأَثَرَة علينا" بفتح الهمزة، والمثلّثلة: أي تفضيل غيرنا علينا فِي الفيء، أو فِي غيره. والمراد أن طواعيتهم لمن يتولّى عليهم لا تتوقّف عَلَى إيصالهم حقوقهم إليهم، بل عليهم الطاعة، ولو منعوهم حقّهم.


(١) "المفهم" ٤/ ٤٤ - ٤٥.
(٢) "شرح السندي" ٧/ ١٣٨.