(وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ) أي الملك والإمارة، أو كلّ الأمور (أَهْلَهُ) الضمير للأمر، أي إذا وُكل الأمر إلى منْ هو أهل له، فليس لنا أن نجرّه إلى غيره، سواء كان ذلك الغير أهلاً، أم غير أهل. زاد فِي رواية أحمد:"وإن رأيت أن لك"، أي وإن اعتقدتَ أن لك فِي الأمر حقًا، فلا تعمل بذلك الظنّ، بل اسمع، وأطع إلى أن يَصِل إليك بغير خروج عن الطاعة. وزاد فِي رواية حبان أبي النضر، عن جنادة عند ابن حبّان أحمد:"وإن أكلوا مالك، وضربوا ظهرك".
(وَأَنْ نَقُومَ بِالْحَقِّ) أي بإظهاره، وتبليغه للناس (حَيْثُ كُنَّا) أي فِي موضع وُجدنا (لَا نَخَافُ لَوْمَةَ لَائِمٍ) أي لا نترك قول الحق لأجل خوف ملامة اللائمين علينا.
وَقَالَ النوويّ: معناه: نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر فِي كلّ زمان ومكان، الكبار والصغار، لا نُداهن فيه أحدًا، ولا نخافه، ولا نلتفت إلى اللائمين. انتهى (١).
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه هذا متّفقٌ عليه، لكن منْ رواية الوليد ابن عبادة، عن عبادة -رضي الله عنه-، كما فِي الروايات الآتية، وأما منْ رواية عبادة بن الوليد، عن عبادة، فمن أفراد المصنّف، فَلْيُتَنَبّهْ. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان مشروعيّة بيعة الإِمام عَلَى السمع والطاعة. (ومنها): وجوب سمع كلام الأمراء، وطاعة أوامرهم. (ومنها): أن وجوب الطاعة لا يختلف باختلاف الأحوال منْ العسر واليسر، والنشاط والكره، فيجب عَلَى المسلم طاعتهم فِي كلّ أحواله، قدر استطاعته. (ومنها): أنه لا يجوز منازعة وليّ الأمر فِي شأن الولاية، ولا فِي غيرها، إلا أن يكون معصية، إذ لا طاعة للمخلوق فِي