للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين منْ الزهريّ. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أبو سعيد الخدريّ رضي الله تعالى عنه منْ المكثرين السبعة، روى (١١٧٠) حديثاً. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) رضي الله تعالى عنه (أنَّ أعْرابِيًّا) قَالَ الحافظ: ما عرفت اسمه (سأل رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ الهِجْرةِ) أي ترك الوطن، والانتقال منْ بلده إلى المدينة، تأييدًا، وتقويةً للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمسلمين، وإعانةً لهم عَلَى قتال الكفرة، وكانت فرضًا فِي أول الأمر، ثم صارت مندوبة، فلعلّ السؤال كَانَ فِي آخر الأمر، أو لعله صلّى الله تعالى عليه وسلم خاف عليه؛ لِما كَانَ عليه الأعراب منْ الضعف، حتى إن أحدهم ليقول إذا حصل له مرض فِي المدينة: أقلني بيعتك، ونحو ذلك، ولذلك قَالَ: "إن شأن الهجرة لشديد" (١).

وَقَالَ فِي "الفتح": والهجرة المسئول عنها مفارقة دار الكفر إذ ذاك، والتزام أحكام المهاجرين مع النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، وكأن ذلك وقع بعد فتح مكة؛ لأنها كانت إذ ذاك فرض عين، ثم نُسخ ذلك بقوله صلّى الله تعالى عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح". انتهى (٢).

(فَقَالَ) صلى الله تعالى عليه وسلم (وَيْحَكَ) قَالَ فِي "النهاية": وَيْحَ كلمة ترحّم، وتوجّعٍ، تقال لمن وقع فِي هلكة، لا يستحقّها، وَقَدْ يقال بمعنى المدح والتعجّب، وهي منصوبة عَلَى المصدر، وَقَدْ تُرفع، وتضاف، ولا تُضاف، يقال: ويحَ زيد، وويحًا له، وويحٌ له. انتهى (٣) (إِنَّ شَأن الهِجْرةِ) "الشأن" بفتح الشين المعجمة، وسكون الهمزة: الخطب، والأمر (شَدِيدٌ) قَالَ القرطبيّ: سؤال الأعرابيّ عن الهجرة إنما هو عن وجوبها عليه، فأجابه النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم بقوله: "إن شأنها لشديد" أي إن أمرها صعبٌ، وشروطها عظيمة، ثم أخبره بعد ذلك بما يدلّ عَلَى أنها ليست بواجبة عليه. ويحتمل أن يكون ذلك خاصًّا بذلك الأعرابيّ، لما علِم منْ حاله، وضعفه عن المقام بالمدينة، فأشفق عليه، ورحمه: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: ٤٣]. انتهى.


(١) "شرح السنديّ" ٧/ ١٤٣.
(٢) "فتح" ٧/ ٦٧٥ "كتاب مناقب الأنصار" حديث: ٣٩٢٥.
(٣) "النهاية" ٥/ ٢٣٥.