للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ النوويّ: قَالَ العلماء: والمراد بالهجرة التي سأل عنها هَذَا الأعرابيّ، ملازمة المدينة مع النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، وترك أهله، ووطنه، فخاف عليه النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أن لا يقوى لها، ولايقوم بحقوقها، وأن ينكُص عَلَى عقبيه، فقال له: إن شأن الهجرة التي سألت عنها لشديد، ولكن اعمل بالخير فِي وطنك، وحيث ما كنت، فهو ينفعك، ولا ينقصك الله منه شيئًا. والله أعلم. انتهى (١).

(فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَهَلْ تُؤَدِّى صَدَقَتَهَا؟) أي زكاتها (قَالَ: نَعَمْ) زاد فِي رواية: "هل تحلُبها يوم وِرْدها" يعني أنهم كانوا إذا اجتمعوا عند ورود المياه، حَلَبُوا مواشيهم، فسقوا المحتاجين، والفقراء المجتمعين عَلَى المياه (قَالَ: "فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ) أي فأت بالخيرات كلّها، وإن كنت وراء القرى، وسكنت أقصى الأرض، فلا يضرّك بُعدك عن المسلمين. قَالَ النوويّ: قَالَ العلماء: والمراد بالبحار هنا القرى، والعرب تسمّي القرى البحار، والقريةُ البحيرة. انتهى (٢). وَقَالَ فِي "الفتح": هَذَا مبالغة فِي إعلامه بأن عمله لا يضيع فِي أي موضع كَانَ (فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَنْ يَتِرَكَ) بفتح التحتانية، وكسر المثناة، ثم راء، وكاف: أي لن ينقُصك، يقال: وتره يتره، منْ باب وعد: إذا نقصه، فهو منْ التِّرَة، كالعِدَة، والكاف مفعول به. وَقَالَ السنديّ: ويحتمل أنه منْ الترك، فالكاف منْ الكلمة، أي لا يترك شيئًا منْ عملك، مهملاً، بل يُجازيك عَلَى جميع أعمالك، فِي أيّ محلّ فعلت. والله تعالى أعلم. انتهى (٣).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الاحتمال الذي ذكره السنديّ رحمه الله تعالى، إن صحّت الرواية به، فذاك، وإلا فالضبط الأول متعيّنٌ. والله تعالى أعلم.

(منْ عَمَلِكَ شيئًا) أي منْ ثواب عملك شيئاً، حيث كنت. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أبي سعد الخدريّ رضي الله تعالى عنه هَذَا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١١/ ٤١٦٦ - وفي "الكبرى" ١٤/ ٧٧٨٧. وأخرجه (خ) فِي "الزكاة"


(١) "شرح مسلم" ١٣/ ١٢ - ١٣. "كتاب الإمارة".
(٢) "شرح مسلم" ١٣/ ١٣. "كتاب الإمارة".
(٣) "شرح السنديّ" ٧/ ١٤٤.