الجوهريّ فِي منعه. انتهى. وَقَالَ الفيّوميّ: الجذْمُ القطع، وهو مصدرٌ، منْ باب ضَرَب، ومنه يقال: جُذِم الإنسان بالبناء للمفعول: إذا أصابه الجُذام؛ لأنه يقطعُ اللحم، ويُسقطه، وهو مجذوم، قالوا: ولا يقال فيه منْ هَذَا المعنى: اجذم وِزانُ أحمر. انتهى.
قَالَ الجامع: قد عرفت أن المجد خطأ الجوهريّ فِي هَذَا، وأثبت جواز أجذم. فتنبّه. والله تعالى أعلم.
(فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، ارْجِعْ، فَقَدْ بَايَعْتُكَ) ولم يأخذ بيده عند المبايعة، تخفيفًا عن المجذوم والناس؛ لئلا يشقّ عليه الاقتحام معهم، فيتأذّي هو فِي نفسه، ويتأذّى به الناس. وَقَدْ روى الترمذيّ عن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم أنه أكل مع مجذوم، فقال:"باسم الله، توكّلاً علي الله"، وَقَدْ جاء عنه صلّى الله تعالى عليه وسلم أنه قَالَ:"فِرّ منْ المجذوم كما تفرّ منْ الأسد". رواه البخاريّ. وهذا الخطاب إنما هو لمن يجد فِي نفسه نفرة طبيعيّة، لا يقدر عَلَى الانتزاع منها، فأمره بالفرار؛ لئلا يتشوّش عليه، ويغلبه وهمه، وليس ذلك خوفاً لعدوى، فقد قَالَ صلّى الله تعالى عليه وسلم:"لا يُعدي شيءٌ شيئاً"، وَقَالَ:"لا عدوى"، وَقَالَ للأعرابيّ:"فمن أعدى الأول؟ ". قاله القرطبيّ (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث الشَّرِيد بن سُوَيد رضي الله تعالى عنه أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٩/ ٤١٨٤ - وفي "الكبرى" ٢٣/ ٧٨٠٥. وأخرجه (م) فِي "السلام" ٢٢٣١ (ق) فِي "الطبّ" ٣٥٤٤ (أحمد) فِي "أول مسند الكوفيين" ١٨٩٧٤ و١٨٩٨٠. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان مشروعيّة بيعة المجذوم، وأنها تكون بالقول، دون المصافحة باليد. (ومنها): إباحة مباعدة أهل الأسقام الفادحة، المستكرهة، إذا لم يؤدّ ذلك إلى إضاعتهم، وإهمالهم. (ومنها): ما قاله بعض أهل العلم: فِي هَذَا الحديث، وما فِي معناه دليل عَلَى أنه يثبت للمراة الخيار فِي فسخ النكاح