إذا وجدت زوجها مجذومًا، أو حدث به جُذامٌ. قَالَ النوويّ: واختلف أصحابنا، وأصحاب مالك في أن أمته هل لها منع نفسها منْ استمتاعه إذا أرادها؟. قَالَ القاضي: قالوا: وُيمنع منْ المسجد، والاختلاط بالناس. قَالَ: وكذلك اختلفوا فِي أنهم إذا كثُرُوا، هل يؤمرون أن يتخذوا لأنفسهم موضعاً منفردًا، خارجًا عن الناس، ولا يُمنعون منْ التصرّف فِي منافعهم، وعليه أكثر الناس، أم لا يلزمهم التنحّي. قَالَ: ولم يختلفوا فِي القليل منهم فِي أنهم لا يُمنعون. قَالَ: ولا يُمنعون منْ صلاة الجمعة مع الناس، ويُمنعون منْ غيرها. قَالَ: ولو استضرّ أهل قرية فيهم جَذْمَى بمخالطتهم فِي الماء، فإن قدروا عَلَى استنباط ماء بلا ضرر أُمرُوا به، وإلا استنبطه لهم الآخرون، أو أقاموا منْ يستقي لهم، وإلا فيُمنعون. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف الآثار الوارة فِي المجذوم، واختلاف أهل العلم فِي الجمع بينها:
قَالَ عِياض رحمه الله تعالى: اختلفت الآثار فِي المجذُوم، فجاء عن جابِر "أنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- أكل مع مجذُوم، وَقَالَ: "ثِقةٌ بِاللهِ، وتوكُّلاً عَلَيْهِ"، قَالَ: فذهب عُمر، وجماعة منْ السلف إِلى الأكل معهُ، ورأوا أن الأمر بِاجتِنابهِ مَنْسُوخ. ومِمَّن قَالَ بذلِك عِيسى بن دِينار منْ المالِكِية، قَالَ: والصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الأكثر، ويتعيَّن المصِير إِليهِ، أنْ لا نَسْخ، بَلْ يجِب الْجَمْع بين الْحَدِيثَيْنِ، وَحَمْل الأمر بِاجْتِنابِهِ، والفِرار مِنْهُ عَلَى الاسْتِحْبَاب والِاحتِياط، والأَكْل مَعَهُ عَلَى بَيَان الْجَوَاز انتهى.