شهِيرة، بِخِلافِ الأخبار المُرخِّصة فِي ذَلِكَ، ومِثل حدِيث "لا تُدِيمُوا النَّظر إِلى الْمَجْذُومِين"، وَقَدْ أخرجهُ ابن ماجة، وسنده ضعِيف، ومِثل حدِيث عبد الله بن أبِي أوْفَى، رفعهُ:"كَلِّمْ المَجْذُوم، وَبَيْنَك وبينه قَيْد رُمحينِ"، أخرجهُ أبُو نُعَيْم فِي "الطِّبّ"، بِسندٍ واهٍ، ومِثل ما أخرجهُ الطَّبَرِيّ، منْ طرِيق معمر، عن الزُّهرِيّ:"أنَّ عُمَر قَالَ لِمُعَيْقِيب: اجلِس مِني قيد رمح"، ومن طرِيق خارِجة بن زيد، كَانَ عُمر يقُول نحوه، وهُما أثرانِ مُنقطِعانِ. وأمَّا حدِيث الشَّرِيد الَّذِي أخرجهُ مُسلِم، فْليْسَ صرِيحًا فِي أنَّ ذَلِكَ بِسبب الْجُذَام.
والجواب عِن ذَلِكَ أن طرِيق الترجِيح، لا يُصار إِليها إِلَّا مع تَعَذُّر الْجَمْع، وهُو مُمكِن، فهُو أولى.
(الفرِيق الثَّانِي): سلكُوا فِي الترجِيح عكس هَذَا الْمَسْلَك، فردُّوا حدِيث "لا عَدْوَى" بِأَنَّ أبا هُريرة رَجَعَ عنهُ، إمَّا لِشَكِّهِ فِيهِ، وإمَّا لِثُبُوتِ عكسه عِنده، قالُوا: والأخبار الدَّالَّة عَلَى الاجتِناب أكثر مخارج، وأكثر طُرُقًا، فالمصِير إِليها أولى، قالُوا: وأمَّا حَدِيث جابِر: "أنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، أخذ بِيدِ مجذُوم، فوضعها فِي القَصْعة، وَقَالَ: كُلْ ثِقةٌ بِاللهِ، وتوكُّلاً عَلَيْهِ"، ففِيهِ نظر، وَقَدْ أخرجهُ التِّرمِذِيّ، وبين الاختِلاف فِيهِ عَلَى راوِيه، وَرَجَّحَ وقفه عَلَى عُمر، وعلى تقدِير ثُبُوته، فليس فِيهِ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم-، أكل معهُ، وإِنَّما فِيهِ أَنَّهُ وَضَعَ يده فِي القَصْعة، قالهُ الْكَلابَاذِيّ فِي "مَعَانِي الأخْبَار".
والجواب أنَّ طرِيق الجمع أَوْلى كَمَا تَقَدَّم، وأيضا فَحدِيث "لا عَدْوَى" ثبت منْ غَيْر طرِيق أبي هريرة، فَصَحَّ عن عائِشة، وابن عُمر، وسعْد بن أبِي وقَّاص، وجابِر، وغيرهم، فلا مَعْنى لِدعوى كونه مَعْلُولاً، والله أعلم.