للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ فِي "الفتح": وقع فِي رواية همّام، والأعرج، وغيرهما عند مسلم: "ومن أطاع الأمير". ويمكن ردّ اللفظين لمعنى واحد، فإن كلّ منْ يأمر بحقّ، وكان عادلاً، فهو أمير الشارع؛ لأنه تولّى بأمره، وبشريعته. ويؤيّده توحيد الجواب فِي الأمرين، وهو قوله: "فقد أطاعني": أي عمِل بما شرعته، وكأن الحكمة فِي تخصيص اميره بالذكر أنه المراد وقت الخطاب، ولأنه سبب ورود الحديث، وأما الحكم فالعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.

ووقع فِي رواية همّام أيضاً: "ومن يُطع الأمير، فقد أطاعني" بصيغة المضارعة، وكذا: "ومن يعص الأمير، فقد عصاني"، وهو أدخل فِي إرادة تعميم منْ خوطب، ومن جاء منْ بعد ذلك.

وذكر الإِمام الشافعيّ رحمه الله تعالى فِي "الأم" فِي بيان سبب نزول الآية الكريمة: كانت قُريشٌ، ومن يليها منْ العرب لا يعرفون الإمارة، فكانوا يمتنعون عَلَى الأمراء، فقال هَذَا القول يحثّهم عَلَى طاعة منْ يُؤمّرهم عليهم، والانقياد لهم إذا بَعَثهم فِي السرايا، وإذا ولّاهم البلاد، فلا يخرجون عليهم؛ لئلا تفترق الكلمة.

ووقع عند أحمد، وأبى يعلى، والطبرانيّ منْ حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: قَالَ: كَانَ رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم فِي نفر منْ أصحابه، فقال: "ألستم تعلمون أن منْ أطاعني، فقد أطاع الله، وأن منْ طاعة الله طاعتي؟ "، قالوا: بلى نشهد، قَالَ: "فإن منْ طاعتي أن تطيعوا أُمراءكم"، وفي لفظ: "أئمّتكم".

(وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي) تقدّم إيضاحه آنفًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٢٧/ ٤١٩٦ - وفي "الكبرى" ٣١/ ٧٨١٦. وأخرجه (خ) فِي "الأحكام" ٧١٣٧ (م) فِي "الإمارة" ٤٧٢٦ و٤٧٢٧. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان الترغيب فِي طاعة الإِمام.

(ومنها): أن وجوب طاعة الإِمام مقيد بما إذا أمر بغير المعصية، وإلا فلا طاعة له؛ لأنه لا طاعة لمخلوق فِي معصية الخالق. (ومنها): أن طاعة الأمراء طاعه لله تعالى، وطاعة