والحاصل أن مثل هَذَا يصلح للعمل به فِي مثل هذه الفضائل، فينبغي أن يحلق رأس المولود، وُيتصدّق بوزنه درهمًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي وقت العقيقة:
قَالَ العلامة ابن قُدامة رحمه الله تعالى: قَالَ أصحابنا: السنّة أن تُذبح يوم السابع، فإن فات ففي أربعة عشر، فإن فات ففي أحد وعشرين، وُيروى هَذَا عن عائشة رضي الله تعالى عنها، وبه قَالَ إسحاق. وعن مالك فِي الرجل يريد أن يَعُقّ عن ولده، فقال: ما علمت هَذَا منْ أمر النَّاس، وما يُعجبني. ولا نعلم خلافًا بين أهل العلم القائلين بمشروعيّتها فِي استحباب ذبحها يوم السابع. والأصل فيه حديث سمرة، عن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم -يعني حديث الباب- وأما كونه فِي أربع عشرة، ثم فِي أحد وعشرين، فالحجة فيه قول عائشة رضي الله تعالى عنها، وهذا تقدير، والظاهر أنها لا تقوله إلا توقيفًا. وإن ذبح قبل ذلك، أو بعده أجزأه؛ لأن المقصود يحصل، وإن تجاوز أحدًا وعشرين، احتمل أن يُستحبّ فِي كلّ سابع، فيجعله فِي ثمانية وعشرين، فإن لم يكن ففي خمسة وثلاثين، وعلى هَذَا، قياسًا عَلَى ما قبله. واحتمل أن يكون فِي كلّ وقت؛ لأن هَذَا قضاء فائت، فلم يتوقّف، كقضاء الأضحية وغيرها، وإن لم يعُقّ أصلاً، فبلغ الغلام، وكسب فلا عقيقة عليه؛ لأنها مشروعة فِي حقّ الوالد، فلا يفعلها غيره، كالأجنبيّ، وكصدقة الفطر. وسُئل أحمد عن هذه المسألة، فقال: ذلك عَلَى الوالد. يعني لا يعُقّ عن نفسه؛ لأن السنّة فِي حقّ غيره. وَقَالَ عطاء، والحسن: يعُقّ عن نفسه؛ لأنها مشروعة عنه، ولأنه مرتَهنٌ بها، فينبغي أن يُشَرَع له فَكَاك نفسه. انتهى كلام ابن قُدامة ببعض تغيير (١).
وَقَالَ فِي "الفتح": ما حاصله: تمسَّك بِقوله: "تُذبح عنه يوم السابع" مَنْ قَالَ: إِنَّ العقِيقة مُوقَّتة بِاليوم السَّابع، وأنَّ منْ ذبح قبله لم يقع الموقِع، وأنَّها تفُوت بعده، وهُو قول مَالِك. وَقَالَ أيضًا: إِن منْ مات قبل السَّابع سقطت العقِيقة. وفِي رِواية ابنِ وهب، عن مَالِك: أن منْ لم يُعَقّ عنهُ فِي السابع الأول، عُقَّ عنهُ فِي السَّابع الثَّانِي، قَالَ ابن وَهْب: ولا بأس أن يُعقّ عنهُ فِي السَّابع الثَّالِث. ونقل التِّرمِذِيّ عن أهل العِلم: أَنَّهم يستحبُّون أن تُذبح العقِيقة يوم السَّابع، فإِن لم يتهيَّأ فَيَوْم الرَّابع عَشَر، فإِنْ لم يَتَهَيَّأ عَقَّ عنهُ يوم أَحَد وعِشْرِينَ. قَالَ الحافظ: وَلَمْ أرَ هَذَا صرِيحًا إِلَّا عن أبِي عبد الله الْبُوشَنْجِيّ، ونقلهُ صَالِح بْن أَحْمَد، عَنْ أبِيهِ. وورد فِيهِ حدِيث، أَخْرَجهُ الطَّبرانِيُّ منْ