سُبَيْعِ) بضم السين المهملة، مصغّرًا (أَنَّ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَتْهَا) وفي رواية أبي داود: "عن العالية بنت سبيع، أنها قالت: كَانَ لي غنم بأُحُدٍ، فوقع فيها الموت، فدخلت عَلَى ميمونة، زوج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكرت ذلك لها، فقالت لي ميمونة: لو أخذت جلودها، فانتفعت بها، فقالت: أَوَ يحِلّ ذلك؟، قالت: نعم، مَرَّ عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجال منْ قريش، يجرون شاة لهم فَقَالَ لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو أخذتم إهابها قالوا إنها ميتة فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يطهرها الماء والقرظ".
(أَنَّهُ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ، مِثْلَ الْحِمار) يجرّونها مِثل جَرّ الحمار إذا مات؛ لإبعاده عن النَّاس؛ لئلا يتضرّروا بجيفته، أو التشبيه فِي كَوْنَها مَيْتَة مُنْتَفِخَة مثله.
وفي بعض النسخ: "مثل الحِصان": وهو بكسر الحاء، وتخفيف الصاد المهملتين: الفرسُ الذكر، أو المضنون بمائه. قاله فِي "القاموس": وَقَالَ الفيّوميّ: الحِصان بالكسر: الفرس العتيق، قيل: سُمّي بذلك؛ لأن ظهره كالحِصْن لراكبه. وقيل: لأنه ضُنَّ بمائه، فلم يُنْزَ إلا عَلَى كريمة، ثم كثُر ذلك حتّى سُمي كلُّ ذكر منْ الخيل حصانًا، وإن لم يكن عتيقًا، والجمع حُصُنٌ، مثلُ كتاب وكُتُب. انتهى.
(فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا) قيل: "لو" هنا للتمنّي بمعنى "ليت"،
فلا تحتاج إلى جواب. وقيل: هي شرطيّةٌ، حُذف جوابها: أي لكان حسنًا (قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ) أىِ فهي محرّمة بنصّ الكتاب، حيث قَالَ الله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} الآية (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ") بفتحتين: قَالَ الفيّوميّ رحمه الله تعالى: هو حبّ معروفٌ، يخرُج فِي غُلُفِ، كالعَدَس، منْ شجر العضاه، وبعضهم يقول: القرظ وَرَقُ السَّلَم، يُدبغ به الأَدِيم، وهو تسامحٌ، فإن الورق لا يُدبغ به، وإنما يُدبغ بالحبّ. قَالَ: وبعضهم يقول: القرظ شجر، وهو تسامحٌ أيضًا، فإنهم يقولون: جَنَيتُ القرَظَ، والشجرُ لا يُجنَى، وإنما يُجنى ثمرُهُ. انتهى كلام الفيّوميّ.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: فِي هَذَا الذي أنكره، وَقَالَ: إنه تسامحٌ نظرٌ لا يخفى، فإن أهل اللغة، أثبتوا ذلك، فَقَالَ المجد فِي "القاموس": القرظ محرّكةً: ورق السلم، أو ثمر السَّنْط. انتهى. وَقَالَ ابن منظور فِي "اللسان": القرظ شجرٌ يُدبغ به. وقيل: ورق السلم، يُدبغ به الأدَمُ. قَالَ: وَقَالَ أبو حَنيفة: القرظ: أجود ما تُدبغ به الأُهُب فِي أرض العرب، وهي تُدبغ بورقه، وثمره. وَقَالَ مرّةً: القرظ شجرٌ
عظام، لها سُوقٌ غِلاظٌ، أمثال الْجَوْز، وورقه أصفر منْ ورق التفّاح، وله حبّ يوضع فِي الموازين، وهو ينبت فِي القِيعان. انتهى كلام ابن منظور.