(حُرِّمَتْ) بتشديد الراء، مبنيًّا للمفعول (عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ) أي أكلها، وإلا فلو حُرّم عليهم بيعها لم يكن لهم حِيلةٌ فيما صنعوه منْ إذابتها (فَجَمَلُوهَا) بفتح الجيم والميم المخفّفة (قَالَ سُفْيَانُ) ابن عُيينة رحمه الله تعالى، مفسرًا لمعنى "جَمَلوها"(ييَعْنِي أَذَابُوهَا) يقال: جمله: إذا أذابه، والْجَمِيلُ الشحْمُ الْمُذاب.
قَالَ فِي "الفتح": ووجهُ تشبِيهِ عُمر رضي الله تعالى عنه بيع المُسلِمِين الخمر بِبيعِ اليهُودِ الْمُذاب منْ الشَّحْمِ الاشْتِراكُ فِي النَّهْي عن تناوُلِ كُلٍّ مِنْهُما، لكِن لَيْسَ كُلُّ ما حُرِّم تَنَاوُلُهُ حُرِّمَ بَيْعُهُ، كَالحُمُرِ الأهْليَّةِ، وَسِبَاع الطَّيرِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ اشْتِراكهُما فِي كونِ كُلٍّ مِنْهُما صار بِالنَّهْي عَن تَنَاوُلِهِ نَجَسًا، هكذا حكاهُ ابنُ بَطَّالٍ عن الطَّبرِيِّ، وَأَقَرَّهُ، ولَيْس بِواضِحٍ، بل كُلُّ ما حُرِّم تناوُلُهُ حُرِّمَ بَيْعُهُ، وتناوُلُ الْحُمُرِ والسِّبَاع، وغيرِهِما مِمَّا حُرِّم أكلُهُ، إِنَّما يتأتَّى بَعْد ذَبحِهِ، وهُو بِالذَّبْح يصِيرُ ميتَةً؛ لِأنَّهُ لا ذَكَاةَ لهُ، وإِذَا صَار مَيْتةً صار نجسًا، ولمْ يجُز بيعُهُ، فالإيرَادُ فِي الأصْلِ غَيرُ وارِدٍ، هَذَا قَولُ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ خَالَفَ فِي بعضِهِ بَعْضُ النَّاسِ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٩/ ٤٢٥٩ - وفي "الكبرى" ١٠/ ٤٥٨٣. وأخرجه (خ) فِي "البيوع" ٢٢٢٣ و"أحاديث الأنبياء" ٣٤٦٠ (م) فِي "المساقاة" ٢٩٦١ (ق) فِي "الأشربة" ٣٣٨٣ (أحمد) فِي "مسند العشرة" ١٧١ (الدارمي) فِي "الأشربة" ٢١٠٤. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوالده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان النهي عن الانتفاع بما حرّم الله عزّ وجلّ. (ومنها): أن فيه مشروعيّة لَعْنُ الْعَاصِي الْمُعِينِ، وَلَكِنْ يَحْتمِلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَوْل عُمر رضي الله تعالى عنه: "قاتل الله سَمُرَة"، لم يُرِد بِهِ ظاهِرهُ، بَلْ هِيَ كَلِمَةٌ