للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومما احتجوا به أن السلف اختلفوا فيمن وجد من الماء بعض ما يكفيه لطهارته هل يستعمله، ثم يتيمم للباقي، أم يتمم ويتركه، ولم يقل أحد يستعمله ثم يجمعه ثم يستعمله في بقية الأعضاء، ولو كان مطهرا لقالوه.

فإن قيل: لأنه لا يتجمع منه شيء، فالجواب: لا نسلم ذلك بل الحال في ذلك مختلف كما قدمته قريبا.

وأما الجواب عن احتجاجهم بالآية: فمن وجهين:

أحدهما: لا نسلم أن فعولا يقتضي التكرار مطلقا، بل منه ما هو كذلك، ومنه غيره، وهذا مشهور لأهل العربية. والثاني: المراد بطهور المطهر والصالح للتطهير، والمُعَدُّ لذلك. وأما قولهم: "توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح رأسه بفضل ماء كان في يده" فهذا الحديث رواه هكذا أبو داود في سننه، وإسناده عن عبد الله بن محمَّد بن عَقيل، عن الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ رضي الله عنها. وروى مسلم وأبو داود وغيرهما عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - "توضأ" فذكر صفة الوضوء إلى أن قال: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه، وغسل رجليه" وهذا هو الموافق لروايات الأحاديث الصحيحة في أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ لرأسه ماء جديدا. فإذا ثبت هذا فالجواب عن الحديث من أوجه:

أحدها: أنه ضعيف فإن راويه عبد الله بن محمَّد ضعيف عند الأكثرين، وإذا كان ضعيفا لم يحتج بروايته ولو لم يخالفه غيره، ولأن الحديث مضطرب عن عبد الله بن محمَّد: قال البيهقي: قد رَوَى شريك عن عبد الله في هذا الحديث فأخذ ماء جديدا فمسح رأسه مقدمه ومؤخره

الجواب الثاني: لو صح لحمل على أنه أخذ ماء جديدا وصب بعضه ومسح رأسه ببقيته ليكون موافقًا لسائر الروايات، وعلى هذا تأوله البيهقي على تقدير صحته.