للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة" رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن، وقال البخاري: ليس هو بصحيح، قالوا: ووجه الاستدلال أن المراد بفضل طهور المرأة ما سقط عن أعضائها لأنا نقول نحن والمنازعون على أن الباقي في الإناء مطهر فتعين حمله على الساقط، قال النووي: وفي صحة هذا الحديث والاستدلال به هنا نظر.

واحتجوا بحديث أبي هريرة السابق مع أبي حنيفة "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم، وهو جنب" قالوا: والمراد نهيه لئلا يصير مستعملا، وفي هذا الاستدلال نظر؛ لأن المختار، والصواب أن المراد بهذا الحديث النهي عن الاغتسال في الدائم، وإن كان كثيرا، لئلا يقذره، وقد يؤدي تكرار ذلك إلى تغيره.

واحتجوا بالقياس على المستعمل في إزالة النجاسة، ولكن الفرق ظاهر وأقرب شيء يحتج به ما احتج به إمام الحرمين وهو عمدة المذهب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم احتاجوا في مواطن من أسفارهم الكثيرة إلى الماء، ولم يجمعوا المستعمل لاستعماله مرة أخرى.

فإن قيل: تركوا الجمع لأنه لا يتجمع منه شيء فالجواب أن هذا لا يسلم وإن سلم في الوضوء لم يسلم في الغسل.

فإن قيل: لا يلزم من عدم جمعه منع الطهارة به، ولهذا لم يجمعوه للشرب، والطبخ، والعجن، والتبرد، ونحوها، مع جوازها به بالاتفاق. فالجواب أن ترك جمعه للشرب ونحوه للاستقذار، فإن النفوس تعافه في العادة، وإن كان طاهرا، كما استقذر النبي - صلى الله عليه وسلم - الضب وتركه، فقيل: أحرام هو؟ قال "لا، ولكني أعافه" وأما الطهارة به ثانية فليس فيها استقذار فتركه يدل على امتناعه.