للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

انتقلت إليه النجاسة. والله أعلم.

وأما المسألة الثانية وهي كونه ليس بمطهر، فقال به أبو حنيفة والشافعي، وأحمد، وهو رواية عن مالك، ولم يذكر ابن المنذر عنه غيرها.

وذهب طوائف إلى أنه مطهر، وهو قول الزهري، ومالك، والأوزاعي في أشهر الروايتين عنهما، وأبي ثور، وداود. قال ابن المنذر: وروي عن علي، وابن عمر، وأبي أمامة، وعطاء، والحسن، ومكحول، والنخعي، وإنهم قالوا فيمن نسي مسح رأسه فوجد في لحيته بللا: يكفيه مسحه بذلك، قال ابن المنذر: وهذا يدل على أنهم يرون المستعمل مطهرا، قال وبه أقول.

واحتج لهؤلاء بقول الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨] والفَعُول لما يتكرر منه الفعل، وبما رُويَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه توضأ فمسح رأسه بفضل ماء في يده"، وفي حديث آخر أنه - صلى الله عليه وسلم - "مسح رأسه ببلل لحيته"، وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "اغتسل فنظر لمعة من بدنه لم يصبها الماء فأخذ شعرا من بدنه عليه ماء فأمرّة على ذلك الموضع" قالوا: ولأنه ماء لاقَىَ طاهرا فبقي مطهرا كما لو غسل به ثوب، ولأنه مستعمل

فجاز الطهارة به، كالمستعمل في تجديد الوضوء، ولأنه ما أدِّيَ به الفرض مرة لا يمتنع أن يؤدي به ثانيا، كما يجوز للجماعة أن يتيمموا من موضع واحد وكما يخرج الطعام في الكفارة ثم يشتريه، ويخرجه فيها ثانيا، وكما يصلي في الثوب الواحد مرار. قالوا: ولأنه لو لم تجز الطهارة بالمستعمل لامتنعت الطهارة؛ لأنه بمجرد حصوله على العضو يصير مستعملا، فإذا سال على باقي العضو ينبغي أن لا يرفع الحدث، وهذا متروك بالإجماع، فدل على أن المستَعْمَل مُطهِّر.

قال النووي: واحتج أصحابنا بحديث الحكم بن عمرو رضي الله عنه