الباب، حيث قَالَ النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم له:"إذا أرسلت كلبك، فاذكر اسم الله عليه"، ومثله فِي حديث أبي ثعلبة الخشنيّ رضي الله تعالى عنه الآتي، فقد جعلِها الشارع شَرطاً فِي حدِيث عَدِيٍّ، وأوقف الإذْن فِي الأكْل عليها، فِي حَديث أبي ثَعْلَبة، والمُعلَّق بِالوصْفِ يَنْتَفِي عِند انْتِفَائِهِ، عِنْد منْ يقول بِالْمَفْهُوم، والشَّرْط أقْوى منْ الوصف، ويتأكد الْقَوْل بِالوُجُوب أيضاً بِأنَّ الأصْل تَحرِيم الْمَيْتة، وما أُذِنَ فِيهِ مِنْها تُراعَى صِفَته، فالمُسمَّى عَلَيْهَا وَافَقَ الْوَصْف، وَغَيْر المُسَمَّى بَاقٍ عَلَى أصْلِ التَّحْرِيم أَفَاده فِي "الفتح"(١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثامنة)؛ فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم أكل الصيد الذي أكل منه الكلب:
ذهب الجمهور إلى تحرِيم أكلِ الصَّيْد الَّذِي أَكَلَ الْكَلْب مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ الكلب مُعلَّمًا؛ لقوله فِي هَذَا الحديث:"فإن وجدته قد أكل منه، فلا تطعم منه شيئًا"، وَقَدْ علَّل بِالخَوْفِ منْ أنَّهُ:"إِنَّمَا أمْسَك عَلَى نَفْسه"، قَالَ فِي "الفتح": وهُو الرَّاجِح مِن قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ، وَقَالَ فِي الْقَدِيم -وهُوَ قَوْل مَالِك، ونقل عن بَعْضِ الصَّحَابة-: يَحِلّ، واحتجُّوا بِما ورد فِي حدِيث عمرو بن شُعَيْب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ:"أنَّ أعْرابِيًّا، يُقال له: أبُو ثَعْلبة، قَالَ: يا رسُول الله، إِنَّ لي كِلابًا مُكَلَّبَة، فأفْتِنِي فِي صَيْدهَا، قَالَ: كُلْ مِمَّا أمْسَكْنَ عَليْك، قَالَ: وإنْ أَكَل مِنْهُ؟ قَالَ: وإنْ أَكَل مِنْهُ". أخرجهُ أبُو داوُد. قَالَ الحافظ: ولا بَأْس بِسندِهِ. وسَلَكَ النَّاس فِي الجَمْع بين الْحَدِيثَيْنِ طُرُقاً: