(رَسُولَ اللهِ) بالنصب عَلَى النداء (لَقَدِ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ) أي أنكرت صفتك التي كنت أعرفك بها، منْ الانبساط، والانشراح (مُنْذُ الْيَوَمِ؟) بالجرّ، فـ"منذ" حرف جرّ بمعنى "فِي"، و"أل" فِي "اليوم" للحضور، أي فِي هَذَا اليوم، و"منذ"، ومثلها "مذ" إذا كَانَ مجرورهما حاضرًا كانتا بمعنى "فِي"، نحو ما رأيته منذ، أو مذ يومِنا، وإذا كَانَ ماضياً كانتا بمعنى "منْ"، نحو ما رأيته منذُ، أو مذ يوم الجمعة، وإلى هَذَا أشار ابن مالك رحمه الله تعالى فِي "الخلاصة" بقوله:
(فَقَالَ) صلّى الله تعالى عليه وسلم (إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ) منصوب عَلَى الظرفية (فَلَمْ يَلْقَنِي، أَمَا) أداة استفتاح، وتنبيه، بمعنى "ألا"(وَاللَّهِ، مَا أَخْلَفَنِي) يقال: أخلف فلان وعده: إذا قَالَ، ولم يفعل، والمعنى: أنه ما أخلفني قبل هَذَا قط، أو ليس هَذَا منه إخلاف وعد، بل لابدّ أن وعده كَانَ مقيّدًا بأمر، قد فُقد ذلك الأمر، وإلا فلا يُتصوّر منه إخلاف فِي الوعد. أفاده السنديّ (قَالَ) هكذا وقع فِي جميع النسخ، وفي "الكبرى"، وكذلك فِي "صحيح مسلم"، والظاهر أن الضمير لميمونة رضي الله تعالى عنها، وإنما ذكّره بتأويلها بالراوي، ويحتمل أن يكون الضمير لابن عبّاس، أي قَالَ ابن عباس راويا عن ميمونة. والله تعالى أعلم (فَظَلَّ يَوْمَهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جَرْوُ كَلْبٍ) بكسر الجيم، ولد الكلب، والسباع، والفتح، والضمّ لغة، قَالَ ابن السّكّيت: والكسر أفصح، وَقَالَ فِي "البارع": الجرو الصغير منْ كلّ شيء، والجروة أيضاً الصغيرة منْ القِثّاء، شُبّهت بصغار أولاد الكلاب؛ للينها، ونعومتها، والجمع جِرَاءٌ، مثلُ كِتاب، وأجرٍ، مثلُ أفلسٍ. قاله الفيّوميّ (تَحْتَ نَضَدٍ لَنَا) بفتحتين: السرير الذي يُنضّد عليه الثياب: أي يُجعل بعضها فوق بعض. وَقَالَ الفيّوميّ: نضدته نَضْدًا، منْ باب ضرب: جعلت بعضه عَلَى بعض، والنضد -بفتحين-: المنضود، والنضيدُ فعيلٌ بمعنى مفعول، وسُمّي السرير نَضَدًا؛ لأن النضَدَ غالبًا يُجعل عليه.