للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَقْنُوه قَنْوًا، منْ باب قتل، وقِنْوةً بالكسر: جمعتُهُ، واقتنيته: اتخذته لنفسي قِنْيةً، لا للتجارة، هكذا قيّدوه. وَقَالَ ابن السّكّيت: قَنَوتُ الغنمَ أقنوها، وقنيتها أَقنِيها: اتخذتها للقِنْية، وهو مالُ قِنْية، وقِنْوة، وقِنْيان بالكسر، والياء، وقُنْوانٍ، بالضمّ، والواو. وأقناه: أعطاه، وأرضاه. انتهى (نَقَصَ) يحتمل أن يكون مبنيًّا للفاعل، و"قيراطان" فاعله، وأن يكون مبنيًّا للمفعول، و"قيراطان" نائب فاعله، بناء عَلَى أنه جاء لازمًا، ومتعدّيًا، وتقدّم البحث عن هَذَا مستوفىً قريبًا (مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ) قَالَ النوويّ: القيراط هنا مقدار معلوم عند الله تعالى، والمراد نقص جزء منْ أجزاء عمله.

وَقَالَ القرطبيّ: اختُلف فِي معنى قوله: "نقص منْ عمله كلّ يوم قيراطان"، وأقرب ما قيل فِي ذلك قولان: [أحدهما]: أن جميع ما عمله منْ عمل ينقُص لمن اتّخذ ما نُهي عنه منْ الكلاب بإزاء كل يوم يُمسكه فيه جزءان منْ أجزاء ذلك العمل. وقيل: منْ عمل ذلك اليوم

الذي يمسكه فيه، وذلك لترويع الكلب للمسلمين، وتشويشه عليهم بنُباحه، ومنع الملائكة منْ دخول البيت، ولنجاسته عَلَى ما يراه الشافعيّ. [الثاني]: أن يُحبط منْ عمله كلّه عملان، أو منْ عمل يوم إمساكه عَلَى ما تقدّم، عقوبةً له عَلَى ما اقتحم منْ النهي.

قَالَ: والقيراط: مَثَلٌ لمقدار اللهُ أعلم به، وان كَانَ قد جرى العرف فِي بلاد يُعرف فيها القيراط، فإنه جزء منْ أربعة وعشرين جزءًا، ولم يكن هَذَا اللفظ غالبًا عند العرب، ولذلك قَالَ صلّى الله تعالى عليه وسلم: "تُفتح عليكم أرض يُذكر فيها القيراط، فإذا فتحتموها، فاستوصوا بها خيرًا"، رواه مسلم. يعني بذلك مصر. انتهى (١).

وَقَدْ تقدّم فِي حديث عبد الله بن مغفّل رضي الله تعالى عنه أنه "ينقص منْ أجره قيراط"، وكذا فِي حديث سفيان بن أبي زهير رضي الله تعالى عنه الآتي بعد هَذَا، وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الآتي بعد باب، وتقدّم وجه الجمع بين هذين الاختلافين فِي شرح حديث ابن مغفّل رضي الله تعالى عنه ١٠/ ٤٢٨٢ - فلا تغفل (إِلاَّ ضَارِيًا) قيل: هو صفة للكلب: أي إلا كلبًا معَوّداً بالصيد، يقال: ضَرِيَ الكلبُ يَضْرَى (٢)، كَشَرِيَ يَشْرَى ضَرىً، وضَرَاوَةً، وأضراه صاحبه: أي عوّده ذلك، وأغراه به، ويُجمع عَلَى ضوار. وَقَدْ ضَرِي بالصيد: إذا لَهِجَ به. قاله ابن الأثير (٣). ومنه قول عمر رضي الله تعالى عنه: إن للّحم ضراوةً كضراوة الخمر، قَالَ: جماعة: معناه: أن له عادةً يَنزع إليها، كعادة الخمر. وَقَالَ الأزهريّ: معناه: أن لأهله عادةً فِي أكله، كعادة


(١) "المفهم" ٤/ ٤٥١ - ٤٥٢. "كتاب البيوع".
(٢) منْ باب تَعِبَ.
(٣) "النهاية" ٣/ ٨٦.