للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى فِي "شرح مسلم": وأَمَّا النَّهْي عَن ثَمَن السِّنَّوْر، فَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ لَا يَنفَع، أَوْ عَلَى أَنَّهُ نَهي تَنزِيه، حَتَّى يَعتَاد النَّاس هِبَته، وِإعَارَته، وَالسَّمَاحَة بِهِ، كَمَا هُوَ الغَالِب. فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْفَع، وَبَاعَهُ صَحَّ البَيْع، وَكَانَ ثَمَنه حَلَالاً. هَذَا مَذهَبنَا، وَمَذهَب العُلَمَاء كَافَّة، إِلَّا مَا حَكَى ابْن المُنذِر عَن أَبِي هُرَيْرة، وَطَاوُسِ، وَمُجَاهِد، وَجَابِر بن زَيد، أَنَّهُ لَا يَجُوز بَيعه، وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ. وَأَجَابَ الْجُمْهور عَنْهُ، بِأنَّه مَحْمُول عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَهَذَا هُوَ الْجَوَاب المُعتَمَد.

وأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الخَطَّابِيّ، وَأَبُو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، منْ أنَّ الْحَديث فِي النَّهْي عَنهُ ضعِيف، فَلَيْسَ كَمَا قَالَا، بَلْ الْحَديث صَحِيح، رَوَاهُ مُسْلِم وَغَيره. وَقَول ابن عبد البرّّ: إِنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَن أَبِي الزُّبَير غَيْر حَمَّاد بن سَلَمَة غَلَط مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُسْلِمًا قَد رَوَاهُ فِي "صَحِيحه" كَمَا تَرَى منْ رِوَايَة مَعقِل بن عُبَيْد الله، عَنْ أَبِي الزُّبَير، فَهَذَانِ ثِقَتَانِ رَوَيَاهُ عَن أَبِي الزُّبَير، وَهُوَ ثِقَةٌ أَيْضًا. وَالله أَعْلَم. انتهى (١).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: بل رواه أيضًا عن جابر أبو سفيان/ طلحة بن نافع عند أبي داود، والترمذيّ، كما تقدّم.

وعندي أن ما ذهب إليه أبو هريرة، وطاوس، ومجاهد، وجابر بن زيد منْ عدم جواز بيعه أرجح، لصحة حديث جابر المذكور. والله تعالى أعلم.

وهَذَا الحديث بذكر الاستثناء منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى أخرجه هنا -١٦/ ٤٢٩٧ وفي "البيوع" ٩١/ ٤٦٦٨ - وفي "الكبرى" ١٧/ ٤٨٠٦ و٩٣/ ٦٢٦٤. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٢٩٨ - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ سَوَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي كِلَابًا مُكَلَّبَةً فَأَفْتِنِي فِيهَا؟. قَالَ: "مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ كِلَابُكَ فَكُلْ"، قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: "وَإِنْ قَتَلْنَ"، قَالَ: أَفْتِنِي فِي قَوْسِي؟ قَالَ: "مَا رَدَّ عَلَيْكَ سَهْمُكَ فَكُلْ"، قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَلَيَّ؟ قَالَ: "وَإِنْ تَغَيَّبَ عَلَيْكَ، مَا لَمْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرَ سَهْمٍ، غَيْرَ سَهْمِكَ، أَوْ تَجِدْهُ قَدْ صَلَّ" -يَعْنِي قَدْ أَنْتَنَ- قَالَ ابْنُ سَوَاءٍ: وَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي مَالِكٍ، عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: كَانَ الأَولى للمصنّف رحمه الله تعالى أن يترجم


(١) "شرح مسلم" ١٠/ ٤٧٧ - ٤٧٨.