تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة: ١٠٣]، قاله في النهل ج ١ ص ٢٥٧ (من غلول) بضم الغين المعجمة مصدر غَلَّ، يَغُلُّ من باب قعد: السرقة من مال الغنيمة قبل القسمة، ويطلق أيضا على أخذ مال الغير خفية مطلقا، من غنيمة، أو غيرها، والمراد به هنا مطلق المال الحرام أخذ خفية أم لا، وسمي غلولا لأن الأيدي يجعل فيها الغُلّ بسببه، والغُلّ: الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه.
والحاصل: أن كل مال يأخذه الشخص من غير حل ثم يتصدق به لا يقبل منه، وكذلك إن نوى التصدق عن صاحبه، ولا تسقط عنه تبعته اللهم إلا إذا رضي صاحبه، وجعله في حل من ذلك.
ويدخل فيه صدقة المرأة من مال زوجها بغير رضاه (١) وصدقة العبد من مال سيده بغير إذنه، وصدقة الوكيل من مال موكله، والشريك من مال شريكه، والوصي الذي وكل إليه التصدق بمال فأنفقه على نفسه، أو أخرجه في غير مصرفه، ونظار الأوقاف الذين يتناولون من ريعها من غير استحقاق، ثم يتصدقون بها، أو يصرفون ريعها في غير مصرفه. ومن هذا قالوا: إن من أخذ مال غيره بلا وجه شرعي لزمه رده لصاحبه إن كان حيا، وإلا رده على ورثته فإن لم يكن له ورثة يتصدق به عنه ويُرجى له الخلاص يوم القيامة، وكذا إذا لم يدر صاحبه، أو استولى عليه بعقد فاسد، ولم يتمكن من فسخه فإنه يتصدق به على الفقراء تخلصا من الحرام لا طمعا في الثواب. وهذا، ينافي الحديث، ولا قوله تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}[البقرة: ٢٢٧] لأنهما يدلان على
(١) قال الجامع: هذا إذا كان على وجه الإفساد بأن كان كثيرا لا يتسامح فيه، وإلا فلا، لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها عن غير أمره، فلها نصف أجره". وفيهما أيضا عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: "إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها، غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا" ..