قال الإمام البخاري في صحيحه: إذ أحدث يوم العيد أو عند الجنازة يطلب الماء ولا يتيمم اهـ. قال الحافظ: وقد ذهب جمع من السلف إلى أنه يجزئ لها التيمم لمن خاف فواتها -يعني صلاة الجنازة- لو تشاغل بالوضوء وحكاه ابن المنذر عن عطاء، وسالم، والزهري، والنخعي، وربيعة، والليث، والكوفيين، وهي رواية عن أحمد، وفيه حديث مرفوع عن ابن عباس رواه ابن عدي وإسناده ضعيف. اهـ فتح جـ ٣ ص ٢٢٨.
قال الجامع: الراجح القول الأول؛ لأنها صلاة، وقد دلت النصوص على اشتراط الوضوء للصلاة عند وجود الماء، فلا يخص العموم إلا بدليل، والله أعلم.
المسألة السادسة: الحكمة في جمعه - صلى الله عليه وسلم - بين الصلاة، والصدقة في هذا الحديث أن العبادة نوعان: بدني، ومالي، فاختار من البدني الصلاة، لكونها تالية الإيمان في الكتاب، والسنة، ولكونها عماد الدين، والفارقة بين الإسلام والكفر، واختار من المالي الصدقة لكثرة نفعها، وعموم خيرها، ولكون كل منهما محتاجا إلى الطهارة، أما الصلاة فلاحتياجها إلى طهارة الثوب والبدن والمكان، وأما الصدقة فلاحتياجها إلى طهارة المال. أفاده في المنهل ج ١ ص ٢٠٩.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
ولما بين في هذا الباب أن الصلاة لا تقبل بغير طهور، وأنها غير معتد بها فلربما حمل بعضَ الناس شدةُ الاحتياط والعناية بالمحافظة على الاعتداء في الوضوء ومجاوزة الحد ذكر باب الاعتداء فيه بعده تنبيها، وإرشادا إلى سلوك طريق السداد، وهو المتابعة لما صح عنه - صلى الله عليه وسلم -، فقال: