للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فذهب ذاهبون من السلف إلى أن الوضوء لكل صلاة فرض بدليل قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} الآية [المائدة: ٦].

وذهب قوم إلى أن ذلك قد كان ثم نسخ، وقيل: الأمر به لكل صلاة على الندب، وقيل: بل لم يشرع إلا لمن أحدث، ولكن تجديده لكل صلاة مستحب، وعلى هذا أجمع أهل الفتوى بعد ذلك، ولم يبق بينهم فيه خلاف. ومعنى الآية عندهم إذا كنتم محدثين. هذا كلام القاضي رحمه الله تعالى. واختلف أصحابنا في الموجب للوضوء على ثلاثة أوجه:

(أحدها) أنه يجب بالحدث وجوبا موسعا. (والثاني) لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة. (والثالث) يجب بالأمرين، وهو الراجح عند أصحابنا. اهـ كلام النووي في شرح مسلم ج ٣ ص ١٠٢/ ١٠٣.

وقال المباركفوري: وقد أجمعت الأمة على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة، وأجمعت على تحريم الصلاة بغير طهارة من ماء، أو تراب، ولا فرق بين الصلاة المفروضة، والنافلة، والحديث دليل على

وجوب الطهارة لصلاة الجنازة أيضا؛ لأنها صلاة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من

صلى على الجنازة"، وقال: "صلوا على صاحبكم"، وقال "صلوا على النجاشي"، قال الإمام البخاري: سماها صلاة، وليس فيها ركوع، ولا سجود، ولا يُتكلم فيها، وفيها تكبير، وتسليم. وكان ابن عمر لا يصلي عليها إلا طاهرا انتهى تحفة الأحوذي ج ١ ص ٢٣، ٢٤ وقال الحافظ: ونقل ابن عبد البر الاتفاق على اشتراط الطهارة لها -يعني صلاة الجنازة- إلا عن الشعبي، قال ووافقه إبراهيم (١) بن علية، وهو ممن يرغب عن كثير من قوله. ونقل غيره أن ابن جرير الطبري وافقهما على ذلك، وهو مذهب شاذ. انتهى. اهـ فتح ج ٣ ص ٢٢٨.


(١) هو إبراهيم بن إسماعيل بن علية، يروي عن أبيه، جهمي هالك، كان يناظر، ويقول بخلق القرآن، مات سنة ٢١٠. اهـ ميزان الاعتدال جـ ١ ص ٢٠.