أما المعذور كمن لم يجد ماء، ولا ما يقوم مقامه كالتراب: فالأقوى دليلا وجوب الصلاة عليه بلا إعادة. أما الوجوب فلحديث "وما أمرتكم بأمر فافعلوا منه ماستطعتم" رواه مسلم وغيره. وأما عدم الإعادة فلأنها إنما تجب بأمر جديد، والأصل عدمه، وهو قول أحمد، واختاره المزني من الشافعية. ويجب عليه (١) أن يقتصر في صلاته على ما لا تصح إلا به. وقيل: بوجوب الصلاة في الوقت ووجوب الإعادة عند التمكن من الطهارة، وهو مشهور مذهب الشافعية، وقول لبعض المالكية، والمعتمد عندهم سقوط الصلاة أداء وقضاء، وقيل باستحباب الصلاة، ووجوب القضاء. وقيل بحرمة الصلاة في الحال ووجوب القضاء عند التمكن، وبه قال أبو حنيفة، وقال أبو يوسف: يتشبه بالمصلي، فلا ينوي، ولا يقرأ، ويركع، ويسجد ويعيد الصلاة متى قدر على إحدى الطهارتين. قاله في المنهل ج ١ ص ٢٠٩.
قال الجامع عفا الله عنه: الراجح عندي وجوب الصلاة حالًا، ولا إعادة لقوة دليله، كما ذكرناه، والله أعلم.
المسألة الخامسة في مذاهب العلماء في وجوب الطهارة للصلاة:
قال النووي في شرح مسلم: وقد أجمعت الأمة على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة. قال القاضي عياض: واختلفوا متى فرضت الطهارة للصلاة: فذهب ابن الجهم إلى أن الوضوء في أول الإسلام كان
سنة، ثم نزل فرضه في آية التيمم.
وقال الجمهور: بل كان قبل ذلك فرضا. قال: واختلفوا في أن الوضوء فرض على كل قائم إلى الصلاة، أم على المحدث خاصة؟
(١) قوله ويجب أن يقتصر الخ: هذا لا دليل عليه. فهذا أوجبنا عليه أن يصلي، فله أن يصلي الصلاة بأركانها وواجباتها وسننها. فتنبه.