وَقَالَ ابن منظور: الْمُجَثَّمَة: المحبوسة، وَقَالَ أبو عُبيد: المجثّمة التي نُهي عنها: هي المصبورة، وهي كلّ حيوان يُنصبُ، ويُرمى، ويُقتَل، قَالَ: ولكن المجثّمة لا تكون إلا منْ الطير، والأرانب، وأشباهها، مما يَجْثِم بالأرض، أي يلزمها؛ لأن الطير تجثِم بالأرض، إذا لزمتها، ولَبَدّت عليها، فإن حبسها إنسانٌ قيل: قد جُثِّمت، فهي مُجثّمَةٌ، إذا فُعل ذلك بها، وهي المحبوسة، فإذا فعلت هي منْ غير فعل أحد قيل: جَثَمت تَجثم، وتَجثُمُ جُثُومًا، فهي جاثمة. وَقَالَ شَمِر: المجثّمة: هي الشاة التي تُرمى بالحجارة حَتَّى تموت، ثم تؤكل، قَالَ: والشاة لا تجثم، إنما الجثوم للطائر، ولكنه استُعير. انتهى.
وسيأتي فِي "الضحايا" -٤١/ ٤٤٤١ - حديث أنس رضي الله تعالى عنه، قَالَ:"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تُصبَرَ البهائمُ". متَّفقٌ عليه. وهو بِضَمِّ أوَّله: أَي تُحبَس لِتُرْمَى حَتَّى تَمُوت، قَالَ فِي "الفتح": وَفِي روَايَة الإسْمَاعِيلِيّ، منْ هَذَا الْوَجْه، بلَفْظِ:"سَمِعْت أَنَس ابْن مَالِك يَقُول: نَهَى رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم-، عَن صَبْر الرُّوح". وَأَصْل الصَّبْر الحَبْس، وأَخْرَجَ العُقَيْلِي فِي "الضُّعَفَاء"، مِنْ طَرِيق الْحَسَنُ، عَن سَمُرَة، قَالَ:"نَهَى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ تُصْبَر الْبَهِيمَة، وَأَنْ يُؤْكَل لَحْمهَا إِذَا صُبِرَتْ"، قَالَ الْعُقَيلِيّ: جَاءَ فِي النَّهي عَن صَبْر الْبَهِيمَة أَحَادِيث جِيَاد، وَأَمَّا النَّهْي عَنْ أَكْلهَا، فَلا يُعْرَف إِلَّا فِي هَذَا. قَالَ الحافظ: إنْ ثَبَتَ فَهُوَ مَحْمُول عَلَى أنَّهَا مَاتَتْ بِذَلِكَ، بِغَيْرِ تَذْكِيَة، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَقْتُول بِالْبُنْدُقَةِ. انتهى.
والحديث صحيح، تفرّد به المصنّف رحمه الله تعالى بهذا السياق، أخرجه هنا -٢٨/ ٤٣٢٨ - و"الضحايا" ٤١/ ٤٤٤٠ - وفي "الكبرى" ٤٨٣٨ و"الضحايا" ٤٢/ ٤٥٢٧. وأخرجه أحمد فِي ٤/ ١٩٤.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه بقيّة، وَقَدْ عنعنه، وهو معروف بالتدليس عن الضعفاء؟.
[قلت]: إنما صحّ لشواهده، فإنه روي عن جمع منْ الصحابة، منهم: أبو الدرداء، وابن عبّاس، وجابر، والعرباض بن سارية، وأبو هريرة، وسمُرة رضي الله تعالى عنهم.
فأما حديث أبي الدرداء، فأخرجه الترمذيّ منْ طريق أبي أيوب الإفريقيّ، عن صفوان بن سُليم، عن ابن المسيّب، عنه، بلفظ:"نهى عن أكل المجثّمة، وهي التي تُصبر بالنبل". قَالَ الترمذيّ: حديث غريب، وفيه الإفريقيّ المذكور، قَالَ عنه الحافظ: صدوقٌ يُخطىء، وحسّنه الشيخ الألبانيّ بشواهده.
وأما حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فأخرجه أحمد، وأبو داود،