للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذا بيان مسائله، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٣٥٣ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَعَثَنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ، نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا، فَفَنِيَ زَادُنَا، حَتَّى كَانَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ مِنَّا كُلَّ يَوْمٍ تَمْرَةٌ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيْنَ تَقَعُ التَّمْرَةُ مِنَ الرَّجُلِ؟ قَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَقَدْنَاهَا، فَأَتَيْنَا الْبَحْرَ، فَإِذَا بِحُوتٍ قَذَفَهُ الْبَحْرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فقد تفرّد به هو، وأبو داود، وهو مصّيصيّ صدوقٌ [١٠] ٩٣/ ١١٥. و"عبدة": هو ابن سليمان الكلابيّ، أبو محمد الكوفيّ الثقة الثبت. و"هشام": هو ابن عُروة المدنيّ الثقة الفقيه. و"وهب بن كيسان": هو القرشيّ مولاهم، أبو نُعيم المدنيّ المعلّم، ثقة، منْ كبار [٤] ٣٢/ ١٥٩٢.

وقوله "نحمل زادنا الخ"، وفي رواية البخاريّ: "فخرجنا، فكنا ببعض الطريق، فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش، فجُمع، فكان مزودي تمر" (١)، فكان يقوتنا (٢) كل يوم قليلًا قليلًا حَتَّى فني، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة".

قَالَ فِي "الفتح": ظاهر هَذَا السياق أنهم كَانَ لهم زاد بطريق العموم، وأزواد بطريق الخصوص، فلما فني الذي بطريق العموم، اقتضى رأى أبي عبيدة، أن يجمع الذي بطريق الخصوص؛ لقصد المساواة بينهم فِي ذلك، ففعل، فكان جميعه مزودا واحدا.

ووقع فِي الرواية الآتية آخر الباب منْ طريق أبي الزبير: "وزوّدنا جرابًا منْ تمر وعند مسلم: "بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمّر علينا أبا عبيدة، نتلقّي عيرًا لقريش، وزوّدنا جرابا منْ تمر، لم يجد لنا غيره، وكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة".

وظاهره مخالف لرواية الباب، ويمكن الجمع بأن الزاد العام، كَانَ قدر جراب، فلما نَفِد، وجمع أبو عبيدة الزاد الخاص، اتفق أنه أيضًا كَانَ قدر جراب، ويكون كل منْ الراويين، ذكر ما لم يذكره الآخر، وأما تفرقة ذلك تمرة تمرة، فكان فِي ثاني الحال.

وأما قول عياض: يحتمل أنه لم يكن فِي أزوادهم تمر غير الجراب المذكور، فمردود؛ لأن قوله: فأمر أبو عُبيدة بجمع الأزواد الخ، صريح فِي أن الذي اجتمع منْ أزوادهم، كَانَ مزود تمر، ورواية أبي الزبير صريحة فِي أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، زوّدهم جرابا منْ


(١) قوله: "فكان مزود تمر": المزود بكسر الميم وسكون الزاى: ما يجعل فيه الزاد.
(٢) قوله: "فكان يقوتنا" بفتح أوله، والتخفيف منْ الثلاثي، وبضمه والتشديد، منْ التقويت.