أي قد تشقق. ووقع فِي رواية ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عند البخاريّ:"فألقى لنا البحر، حوتا ميتا".
واستدل به عَلَى جواز أكل ميتة السمك وسيأتي البحث فيه فِي المسائل، إن شاء الله تعالى.
(فأكلنا منه نصف شهر) وفي الرواية الماضية: "فأكلنا منه ثمانية عشر يومًا"، وفي الرواية التالية:"فأكلنا منه أيامًا"، وفي رواية أبي الزبير، عند البخاريّ:"فأقمنا عليها شهرا". ويجمع بين هَذَا الاختلاف، بأن الذي قَالَ:"ثمان عشرة" ضبط ما لم يضبطه غيره، وأن منْ قَالَ:"نصف شهر" ألغى الكسر الزائد، وهو ثلاثة أيام، ومن قَالَ:"شهرا" جبر الكسر، أو ضم بقية المدة، التي كانت قبل وجدانهم الحوت إليها. ورجح النوويّ رواية أبي الزبير؛ لما فيها منْ الزيادة. وَقَالَ ابن التين: إحدى الروايتين وَهَمٌ. انتهى. ووقع فِي رواية الحاكم:"اثنى عشر يوما"، وهي شاذة، وأشد منها شذوذا، رواية:"فأقمنا قبلها ثلاثة".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الجمع الأول هو الذي رجحه الحافظ، وهو الراجح عندي. والله تعالى أعلم.
(وادّهنّا منْ ودكه) -بفتح الواو، والمهملة-: أي شحمه. وفي رواية أبي الزبير عند مسلم:"فلقد رأيتنا، نغترف منْ وَقْب عينه بالقِلال الدهنَ، ونقطع منه الْفِدَر، كالثور"، والوَقْبُ -بفتح الواو، وسكون القاف، بعدها موحدة-: هي النُّقْرة التي تكون فيها الحدَقَة، والفِدَر -بكسر الفاء، وفتح الدال- جمع فَدْرة -بفتح، ثم سكون-: وهي القطعة منْ اللحم، ومن غيره. وفي رواية أبي حمزة الخولاني:"فحملنا ما شئنا، منْ قديد، ووَدَك، فِي الأسقية، والغرائر".
(فثابت أجسامنا) بالثاء المثلّثة: أي رجعت إلى القوة، وفيه إشارة إلى أنهم أصابهم هُزالٌ منْ الجوع السابق.
(وأخذ أبو عبيدة) رضي الله تعالى عنه أي أمر بالأخذ، ففي رواية البخاريّ:"ثم أمر أبو عبيدة"(ضِلَعًا منْ أضلاعه)"الضلع" -بكسر الضاد المعجمة، وفتح اللام، وَقَدْ تسكّن، واحدة الأضلاع. وفي رواية البخاريّ:"ثم أمر أبو عبيدة بضلعين منْ أضلاعه، فنُصبا". قَالَ فِي "الفتح": كذا فيه، واستُشكِل؛ لأن الضلع مؤنثة، ويجاب بأن تأنيثه غير حقيقي، فيجرز فيه التذكير، انتهى.