للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الْحَدِيث

(عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله تعالى عنهما (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لرجل أمرت) قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: ظاهر السوق أنه عَلَى بناء المفعول للخطاب، أو بناء الفاعل للمتكلّم: أي أمرتُك، أو أمرتُ النَّاس. ويحتمل أنه عَلَى بناء المفعول للمتكلّم، والمعنى: أُمرتُ بالتضحية.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الاحتمال الأخير هو الأظهر عندي. والله تعالى أعلم. وقوله (بيوم الأضحى) الباء بمعنى "فِي": أي فِي يوم الأضحى، حال كونه (عيدا) أو أمرت بيوم الأضحى أن أتّخذه عيدا.

وقوله (جعله الله عز وجل لهذه الأمة) جملة فِي محلّ نصب صفة لـ"عيدًا".

(فَقَالَ الرجل أرأيت) بتاء الخطاب: أي أخبرني (إن لم أجد إلا منيحة) بفتح الميم، وكسر النون: اسم منْ المنحة بكسر، فسكون، يقال: منحته مَنْحًا، منْ بابي نفع، وضرب: إذا أعطيته. وأصل المنيحة: هي الشاة، أو الناقة التي يُعطيها صاحبها غيره ليشرب لبنها، ثم يردّها عليه إذا انقطع لبنها، ثم كثُر استعماله حَتَّى أطلق عَلَى كلّ عطاء، يقال: منحته منحًا، والمراد هنا الشاة، كما يُشير إليه وصفه بقوله (أنثى) وهو صفة كاشفة لـ"منيحة". وقال ابن الأثير فِي "النهاية" منحة اللبن: أن يعطيه ناقةً، أو شاةً، ينتفع بلبنها، ويُعيدها، وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوَبَرها، وصُوفها زمانًا، ثم يرُدّها. انتهى. وكلام ابن الأثير يدل عَلَى أن المنيحة، قد تكون ذكرا؛ إذ الانتفاع بالوبر والصوف لا يخصّ الأنثى، وعلى هَذَا فليست "أنثى" صفة كاشفة، بل هي مقيّدة، وإن كَانَ فيها علامة التأنيث، كما يقال: حمامة أنثى، وحمامة ذكر. والله تعالى أعلم.

(أفاضحي بها) أي أيلزمني التضحية بتلك المنيحة؟ (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لا) أي لا يلزمك ذلك. وإنما منعه؛ لأنه لم يكن عنده ما ينتفع به غيرها. ويحتمل أن المراد هنا بالمنيحة ما أُعطيها منْ غيره؛ ليشرب اللبن، فيكون منعه لأجل أنها ليست ملكًا له، بل هي عَلَى ملك المانح، وإنما سأل الرجل لزعمه أن المنحة لا تُردّ، ولذلك قَالَ -صلى الله عليه وسلم- فِي حديث آخر: "المنحة مردودة" (ولكن تأخذ منْ شعرك) كأنه أرشده إلى أن يُشارك المسلمين فِي عيدهم، وسرورهم، وذلك بإزالة الوسخ، فذلك يقوم مقام الأضحية لمن فقدها (وتقلم أظافرك) بفتح أوله، وكسر اللام، مخفّفةً، منْ باب ضرب، أو ضمّ أوله، مع تشديد اللام، منْ التقليم، وهو الإنسب هنا، بخلاف ما تقدّم فِي الباب الماضي (وتقص) بضم القاف، منْ باب نصر: أي تقطع (شاربك) هو الشعر الذي يَسيل عَلَى الفم، قَالَ أبو حاتم: ولا يكاد يُثنّى، وَقَالَ أبو عُبيدة: قَالَ الكلابيّون: شاربان، باعتبار الطرفين،