الْحَدِيث، ثم إن كلًّا منهما تفرد بذكر ألفاظ فِي الْحَدِيث لم يذكرها الآخر.
ثم إن مثل هَذَا الإجمال لا يضرّ فِي صحة الْحَدِيث؛ لأن كلًّا منهما ثقة، وإنما يضرّ لو كَانَ أحدهما ضعيفًا.
قَالَ فِي "تقريب النواوي" مع شرحه "تدريب الراوي": ٢ ص: ١٢٤ - ١٢٥: ما مُلَخَّصُهُ:
وإذا سمع بعض حديث منْ شيخ، وبعضه الآخر منْ شيخ آخر، فروى جملته عنهما، مبينا أن بعضه عن أحدهما، وبعضه عن الآخر، غير مميز لما سمعه منْ كل شيخ عن الآخر جاز، ثم يصير كل جزء منه، كأنه رواه عن أحدهما مبهما، فلا يحتج بشيء منه، إن كَانَ فيهما مجروح؛ لأنه ما منْ جزء منه، إلا ويجوز أن يكون عن ذلك المجروح، ويجب ذكرهما حينئذ جميعا، مبينا أن عن أحدهما بعضه، وعن الآخر بعضه، ولا يجوز ذكرهما ساكتا عن ذلك، ولا إسقاط أحديث، مجروحا كَانَ أو ثقة.
ومن أمثلة ذلك: حديث الإفك فِي "الصحيح"، منْ رواية الزهريّ، حيث قَالَ: حدثني عروة، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قَالَ: وكل قد حدثني طائفة منْ حديثها، ودخل حديث بعضهم فِي بعض، وأنا أوعى لحديث بعضهم منْ بعض، فذكر الْحَدِيث. انتهى المقصود منْ "التقريب"، و"التدريب".
وإلى هَذَا أشار الحافظ السيوطيّ رحمه الله تعالى فِي "ألفية الْحَدِيث"، حيث قَالَ:
مُجَرَّحًا يَكُونُ أو مُعَدَّلَا … وَحَيْثُ جَرْحُ وَاحِدٍ لَا تَقْبَلَا
والله تعالى أعلم بالصواب.
شرح الْحَدِيث
(عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَوْمَ الأَضْحَى) وفي الرواية التالية: "خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر، بعد الصلاة" (فَقَالَ: "مَنْ وَجَّهَ قِبلَتَنَا) -بفتح الواو، وتشديد الجيم-: أي وَجَّهَ وجهه، والمراد استقبل القبلة، والمراد أن يكون معنا فِي هذه الأمور، وَقَالَ فِي "الفتح": المراد منْ كَانَ عَلَى دين الإِسلام. انتهى (وَصَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا) أي أراد أن يذبح مثل ذبيحتنا (فَلَا يَذْبَحْ حَتَّى يُصَلِّيَ) أي صلاة العيد (فَقَامَ خَالِي) هو أبو بُردة/ هانىء بن نِيار -بكسر النون،