وتخفيف الياء المثنّاة منْ تحتُ، وآخره راء، واسم جدّه عمرو بن عُبيد، وهو بلويّ، منْ حلفاء الأنصار. وَقَدْ قيل: إن اسمه الحارث بن عمرو. وقيل: مالك بن هُبيرة، والأول هو الأصحّ. وأخرج ابن منده منْ طريق جابر الجعفيّ، عن الشعبيّ، عن البراء، قَالَ: كَانَ اسم خالي قيلًا، فسمّاه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كثيرًا، وَقَالَ: يا كثير، إنما نسكنا بعد صلاتنا … " ثم ذكر حديث الباب بطوله، وجابر ضعيف، وأبو بردة ممن شهِد العقبة، وبدرًا، والمشاهد، وعاش إلى سنة اثنتين، وقيل: خمس وأربعين. قاله فِي "الفتح" ١١/ ١٢٧ - ١٢٨.
(فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي عَجَّلْتُ نُسُكِي) أي استعجلت فِي ذبح أضحيّتي قبل الصلاة (لأُطْعِمَ أَهْلِي، وَأَهْلَ دَارِي، أَوْ) شك منْ الراوي (أَهْلِي، وَجِيرَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَعِدْ ذِبْحًا آخَرَ") وفي الرواية التالية: "تلك شاة لحم"، أي ليست أضحيّة، بل هو لحم، يُنتفع به، كما وقع فِي رواية: "إنما هو لحم، يقدمه لأهله" وفي رواية: "ذاك شيء عجلته لأهلك".
وَقَدْ استشكلت الإضافة فِي قوله: "شاة لحم"، وذلك أن الإضافة قسمان: معنوية، ولفظية، فالمعنوية، إما مقدرة بـ"منْ"، كخاتم حديد، أو باللام، كغلام زيد، أو بـ"فِي"، كضَرْبِ اليوم، معناه: ضرب فِي اليوم. وأما اللفظية فهي صفة، مضافة إلى معمولها، كضارب زيد، وحسن الوجه، ولا يصح شيء منْ الأقسام الخمسة، فِي "شاة لحم"، قَالَ الفاكهي: والذي يظهر لي أن أبا بردة، لَمّا اعتقد، أن شاته شاة أضحية، أوقع -صلى الله عليه وسلم- فِي الجواب قوله: "شاة لحم"، موقع قوله: شاة غير أضحية. ذكره فِي "الفتح" ١١/ ١٢٨.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أنه لا وجه للاستشكال المذكور، فإن الإضافة هنا بمعنى اللام، فيكون المعنى أنها شاة مذبوحة للاستفادة منْ لحمها، لا لإقامة السنة بالتضحية بها، وذلك أن القاعدة النحويّة، أن كلّ ما لا يصلح أن تكون إضافته بمعنى "منْ"، أو "فِي"، فإنها تكون بمعنى اللام، قَالَ ابن مالك رحمه الله تعالى فِي "خلاصته":