للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"العناق" هي الأنثى منْ أولاد المعز، دون المسنّة، وإضافتها إلى اللبن، إما للدلالة عَلَى أنها صغيرة، ترضع اللبن، أو للدلالة عَلَى أنها سمينة، أُعدّت للبن. وفي الرواية التالية: "فإن عندي عَناقًا جذعةً".

وفي رواية البخاريّ: "إن عندي داجنا جذعةً منْ المعز"، قَالَ فِي "الفتح" ١١/ ١٢٨ - ١٢٩: والداجن: هي التي تَأْلَف البيوت، وتستأنس، وليس لها سنّ معين، ولما صار هَذَا الاسم علما، عَلَى ما يَأْلَف البيوت، اضمحلّ الوصف عنه، فاستوى فيه المذكر والمؤنث، والجذعة تقدم بيانها، وَقَدْ بين فِي هذه الرواية أنها منْ المعز.

قَالَ: والعَنَاق -بفتح العين، وتخفيف النون-: الأنثى منْ ولد المعز، عند أهل اللغة، ولم يصب الداودي فِي زعمه، أن العناق هي التي استَحَقَّت أن تحمل، وأنها تطلق عَلَى الذكر والأنثى، وأنه بَيَّنَ بقوله: "لبن"، أنها أنثى. قَالَ ابن التين: غَلِطَ فِي نقل اللغة، وفي تأويل الْحَدِيث، فإن معنى "عناق لبن": أنها صغيرة سن، ترضع أمها.

ووقع عند الطبراني، منْ طريق سهل بن أبي حثمة، أن أبا بردة، ذبح ذبيحته بسحر، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "إنما الأضحية ما ذُبح بعد الصلاة، اذهب فَضَحّ"، فَقَالَ: ما عندي إلا جذعة منْ المعز … الْحَدِيث. وزاد فِي رواية أخرى: "هي أحب إلى منْ شاتين". وفي رواية لمسلم منْ "شاتي لحم".

والمعنى أنها أطيب لحما، وأنفع للآكلين؛ لِسِمَنِها، ونفاستها.

وَقَدْ استشكل هَذَا بما ذُكر أن عتق نفسين أفضل، منْ عتق نفس واحدة، ولو كانت أنفس مهما.

وأجيب بالفرق بين الأضحية والعتق، أن الأضحية يُطلَب فيها كثرة اللحم، فتكون الواحدة السمينة أولى منْ الهزيلتين، والعتق يطلب فيه التقرب إلى الله بفك الرقبة، فيكون عتق الإثنين أولى منْ عتق الواحدة، نعم إن عرض للواحد وصف يقتضى رفعته عَلَى غيره، كالعلم، وأنواع الفضل المتعدي، فقد جزم بعض المحتقين بأنه أولى؛ لعموم نفعه للمسلمين. ووقع فِي رواية أخرى: "وهي خير منْ مسنة"، وحكى ابن التين عن الداودي أن المسنة التي سقطت أسنانها للبدل، وَقَالَ أهل اللغة: المسن الثَّنِيُّ الذي يُلقي سنهُ، ويكون فِي ذات الخف، فِي السنة السادسة، وفي ذات الظلف والحافر، فِي السنة الثالثة. وَقَالَ ابن فارس: إذا دخل ولد الشاة فِي الثالثة، فهو ثَنِيٌّ، ومسن. ذكره فِي "الفتح".

(هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ) أي لكونها أطيب، وأنفع؛ لسمنها (قَالَ: "اذْبَحْهَا، فَإِنَّهَا خَيْرُ نَسِيكَتَيْكَ) أي خير ذبيحتيك، حيث تجزي عن الأضحيّة، بخلاف الأولى (وَلَا