للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شريعة إبراهيم الخليل، وَقَدْ أمرنا باتباعه. ولا حجة فيه؛ لأنا نقول بموجبه، ويُلزمهم الدليل عَلَى أنها كانت فِي شريعة إبراهيم واجبة، ولا سبيل إلى علم ذلك، ولا دلالة فِي قصة الذبيح للخصوصية التي فيها. والله أعلم.

(ومنها): أنَّ فيه أن الإِمام يُعلّم النَّاس فِي خطة العيد أحكام النحر. (ومنها): أن فيه جوازَ الاكتفاء فِي الأضحية بالشاة الواحدة، عن الرجل وعن أهل بيته، وبه قَالَ الجمهور، وعن أبي حنيفة، والثوري: يكره، وَقَالَ الخطابي لا يجوز أن يضحى بشاة واحدة عن اثنين، وادعى نسخ ما دل عليه حديث عائشة رضي الله عنها: "ضَحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر"، رواه البخاريّ. وتعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال.

(ومنها): أن فيه أن العمل وان وافق نية حسنة، لم يصح إلا إذا وقع عَلَى وفق الشرع. (ومنها): أن فيه جواز أكل اللحم يوم العيد، منْ غير لحم الأضحية؛ لقوله: "إنما هو لحم قدّمه لأهله". (ومنها): أن فيه كرم الرب سبحانه وتعالى؛ لكونه شرع لعبيده الأضحية، مع ما لهم فيها منْ الشهوة بالأكل والادخار، ومع ذلك فأثبت لهم الأجر فِي الذبح، ثم منْ تصدق أثيب، وإلا لم يأثم.

(ومنها): أن فيه تخصيص أبي بردة بإجزاء الجذع منْ المعز فِي الأضحية، لكن وقع فِي عدة أحاديث التصريح بنظير ذلك لغير أبي بردة، ففي حديث عقبة بن عامر، كما تقدم قريبا: "ولا رخصة فيها لأحد بعدك"، قَالَ البيهقي: إن كانت هذه الزيادة محفوظة، كَانَ هَذَا رخصة لعقبة، كما رخص لأبي بردة. قَالَ الحافظ: وفي هَذَا الجمع نظر؛ لأن فِي كل منهما صيغة عموم فأيُّهما تَقَدَّم عَلَى الآخر اقتضى انتفاء الوقوع للثاني، وأقرب ما يقال فيه: إن ذلك صَدَرَ لكل منهما فِي وقت واحد، أو تكون خصوصية الأول نُسِخت بثبوت الخصوصية للثاني، ولا مانع منْ ذلك؛ لأنه لم يقع فِي السياق استمرار المنع لغيره صريحا، وقد انفصل ابن التين، وتبعه القرطبيّ، عن هَذَا الإشكال باحتمال أن يكون العتود، كَانَ كبير السن، بحيث يجزىء، لكنه قَالَ ذلك، بناءً عَلَى أن الزيادة التي فِي آخره، لم تقع له، ولا يتم مراده مع وجودها، مع مصادمته لقول أهل اللغة فِي العتود. وتمسك بعض المتأخرين بكلام ابن التين، فضعف الزيادة، وليس بجيد، فإنها خارجة منْ مخرج الصحيح، فإنها عند البيهقي، منْ طريق عبد الله البوشنجي، أحد الأئمة الكبار فِي الحفظ والفقه، وسائر فنون العلم، رواها عن يحيى ابن بكير، عن الليث، بالسند الذي ساقه البخاريّ، ولكني رأيت الْحَدِيث فِي "المتفق للجوزقي"، منْ طريق عبيد بن عبد الواحد، ومن طريق أحمد بن إبراهيم بن مِلْحان، كلاهما عن يحيى بن بكير، وليست الزيادة فيه، فهذا هو السر فِي قول البيهقي: إن