وإسحاق، وأبي حنيفة، وأصحابه؛ لأن الليل زمن يصح فيه الرمي، فأشبه النهار.
ووجه الأول قولُ الله تعالى:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}[الحج: ٢٨]، وروي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه نهى عن الذبح بالليل، ولأنه ليلُ يومٍ يجوز الذبح فيه، فأشبه ليلة يوم النحر، ولأن الليل تتعذر فيه تفرقة اللحم فِي الغالب، فلا يفرق طَرِيّا، فيفوت بعض المقصود، ولهذا قالوا: يكره الذبح فيه، فعلى هَذَا إن ذبح ليلًا لم يجزئه عن الواجب، وإن كَانَ تطوعا، فذبحها كانت شاة لحم، ولم تكن أضحية، فإن فرقها حصلت القربة بتفريقها دون ذبحها. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله تعالى فِي "المغني" ١٣/ ٣٨٤ - ٣٨٧ بتصرّف.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول يجوز الذبح ليلًا هو الأرجح؛ لأنه ليس هناك نصّ يمنع منْ ذلك؛ والآية ليس فيها التعرّض للنهي عن ذلك أصلًا، وما ذكروه منْ الْحَدِيث غير ثابت، فقد أخرجه الطبرانيّ فِي "المعجم الكبير"، وفيه سليمان ابن سلمة الْخَبَائريّ، وهو متروك، كما قاله الحافظ أبو بكر الهيثميّ فِي "مجمع الزوائد" ٤/ ٢٣، بل كذّبه بعضهم، كما فِي "الميزان" للذهبيّ ٢/ ٢٠٩ - ٢١٠، فتنبّه. وَقَدْ حقّق المسألة أبو محمد ابن حزم رحمه الله تعالى فِي "كتابه المحلّى" ٧/ ٣٧٧ - ٣٧٩، مرجحًا الجواز إلى هلال محزم، ليلًا ونهارًا، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): فِي اختلاف أهل العلم فيما إذا فات وقت الذبح:
ذهبت طائفة إلى أنه إذا فات وقت الذبح، ذبح الواجب قضاء، وصنع به ما يصنع بالمذبوح فِي وقته، وهو غير فِي التطوع، فإن فرق لحمها كانت القربة بذلك، دون الذبح؛ لأنها شاة لحم، وليست أضحية، وبهذا قَالَ الشافعيّ، وأحمد.
وَقَالَ أبو حنيفة: يسلمها إلى الفقراء، ولا يذبحها، فإن ذبحها فرق لحمها، وعليه أرش ما نقصها الذبح؛ لأن الذبح قد سقط بفوات وقته.
واحتجّ الأولون بأن الذبح أحد مقصودي الأضحية، فلا يسقط بفوات وقته، كتفرقة اللحم، وذلك أنه لو ذبحها فِي الأيام، ثم خرجت قبل تفريقها فرّقها بعد ذلك، ويفارق الوقوف، والرمي، ولأن الأضحية لا تسقط بفواتها بخلاف ذلك.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي هو الذي قاله الأولون. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: إذا وجبت الأضحية بإيجابه لها، فَضَلَّت، أو سُرِقت بغير تفريط منه، فلا ضمان عليه؛ لأنها أمانة فِي يده، فإن عادت إليه ذبحها، سواء كَانَ فِي زمن الذبح، أو