للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٤٠٠ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَضْحَى، ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا النَّاسُ قَدْ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَآهُمُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنَّهُمْ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: "مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا، فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة، و"أبو عوانة": هو الوضاح بن عبد الله. و"جندب بن سفيان": هو جندب بن عبد الله بن سفيان الصحابيّ، رضي الله تعالى عنه، نُسب لجدّه.

وقوله: "فليذبح عَلَى اسم الله": قَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم" ١٣/ ١١٢ - ١١٣: قَالَ الْكُتّابُ منْ أهل العربية: إذا قيل؛ "باسم الله" تعين كَتْبُه بالألف، وإنما تحذف الألف إذا كُتِب "بسم الله الرحمن الرحيم" بكمالها.

وَقَالَ أيضًا: "فليذبح عَلَى اسم الله": هو بمعنى رواية: "فليذبح باسم الله"، أي قائلا: باسم الله هَذَا هو الصحيح فِي معناه. وَقَالَ القاضي: يحتمل أربعة أوجه: [أحدها]: أن يكون معناه: فليذبح لله، والباء بمعى اللام. [الثاني]: معناه: فليذبح بسنة الله. [والثالث]: بتسمية الله عَلَى ذبيحته؛ إظهارًا للإسلام، ومخالفةً لمن يذبح لغيره، وقمعًا للشيطان. [والرابع]: تبرّكًا باسمه، وتيمّنًا بذكره، كما يُقال: سِرْ عَلَى بركة الله، وسِرْ باسم الله. وكره بعض العلماء أن يقال: افعل كذا عَلَى اسم الله، قَالَ. لأن اسمه سبحانه عَلَى كلّ شيء. قَالَ القاضي: هَذَا ليس بشيء، قَالَ: وهذا الْحَدِيث يردّ عَلَى هَذَا القائل. انتهى.

وزاد فِي "الفتح" ١١/ ١٣٧ وجهًا خامسًا، وهو أن يكون معنى قوله: "عَلَى اسم الله" مطلق الإذن فِي الذبيحة حينئذ؛ لأن السياق يقتضي المنع قبل ذلك، والإذن بعد ذلك، كما يقال للمستأذن: باسم الله، أي ادخل. انتهى.

والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ مضى فِي ٤/ ٤٣٧٠ - وَقَدْ استوفيت شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه تستفد.

واستدلّ به المصنّف رحمه الله تعالى هنا عَلَى أن الذبح قبل الإمام لا يجوز، لكن دلالته عَلَى ذلك غير واضحة، إلا بتكلّف، وإنما يدلّ عَلَى عدم الإجزاء قبل الصلاة، وهو القول المختار، كما سبق البحث عنه مستوفًى، فلا تغفل. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".