ومعناه: خَفْ واعْجَل؛ لئلا تخنقها، فإن الذبح إذا كَانَ بغير الحديد احتاج صاحبه إلى خفة يد، وسرعة فِي إمرار تلك الآلة، والإتيان عَلَى الحلقوم، والأوداج كلها، قبل أن تهلك الذبيحة، بما ينالها منْ ألم الضغط، قبل نطح مذابحها، ثم قَالَ: وَقَدْ ذكرت هَذَا الحرف فِي "غريب الْحَدِيث"، وذكرت فيه وجوها، يحتملها التأويل، وكان قَالَ فيه: يجوز أن تكون الكلمة تصحفت، وكان فِي الأصل أَزِّزْ بالزاي، منْ قولك: أزز الرجل أصبعه: إذا جعلها فِي الشيء، وأززت الجرادةُ أززًا: إذا أدخلت ذنبها فِي الأرض، والمعنى: شُدَّ يدل عَلَى النحر، وزعم أن هَذَا الوجه أقرب الجميع.
قَالَ ابن بطال: عرضت كلام الخطابي عَلَى بعض أهل النقد، فَقَالَ: أما أخذه منْ أران القوم، فمعترض؛ لأن أران لا يتعدى، وإنما يقال: أران هو، ولا يقال: أران الرجل غنمه. وأما الوجه الذي صوّبه، ففيه نظر، وكأنه منْ جهة أن الرواية لا تساعده. وأما الوجه الذي جعله أقرب الجميع، فهو أبعدها؛ لعدم الرواية به.
وَقَالَ عياض: ضبطه الأصيلي "أَرِني" فعلَ أمر منْ الرؤية، ومثله فِي مسلم، لكن الراء ساكنة، قَالَ: وأفادني بعضهم أنه وقف عَلَى هذه اللفظة، فِي "مسند علي بن عبد العزيز" مضبوطة هكذا: "أرني، أو اعجل"، فكأن الراوي شك فِي أحد اللفظين، وهما بمعنى واحد، والمقصود الذبح بما يُسرع القطع، ويُجري الدم. ورجح النوويّ أن "أرن" بمعنى "أعْجِلْ"، وأنه شك منْ الراوي، وضبط أعجِل بكسر الجيم، وبعضهم قَالَ فِي رواية لمسلم: أَرْني، بسكون الراء، وبعد النون ياء، أي أحضرني الآلة التي تَذبح بها لأراها، ثم أضرب عن ذلك، فَقَالَ: أو أعجل، و"أو" تجيء للإضراب، فكأنه قَالَ: قد لا يتيسر إحضار الآلة، فيتأخر البيان، فَعَرَّفَ الحكم، فَقَالَ: أعجل، ما أنهر الدم الخ، قَالَ: وهذا أولى منْ حمله عَلَى الشك.
وَقَالَ المنذري: اختُلف فِي هذه اللفظة، هل هي بوزن أَعْطِ، أو بوزن أَطِعْ، أو هي فعل أمر منْ الرؤية، فعلى الأول المعنى: أدِمِ الْحَزَّ، منْ رَنَوْتُ: إذا أدمت النظر، وعلى الثاني: أهلكها ذبحا، منْ أران القومُ: إذا هلكت مواشيهم.
وتعقب بأنه لا يتعدى، وأجيب بأن المعنى كن ذا شاة هالكة، إذا أُزهقت نفسُها بكل ما أنهر الدم.
قَالَ الحافظ: ولا يخفى تكلفه. وأما عَلَى أنه بصيغة فعل الأمر، فمعناه أَرِني سيلان الدم، ومن سكّن الراء، اختلس الحركة، ومن حذف الياء جاز.
وقوله:"واعْجَلْ" بهمزة وصل، وفتح الجيم، وسكون اللام، فعل أمر منْ العجلة: أي اعجل، لا تموت الذبيحة خَنقًا، قَالَ: ورواه بعضهم بصيغة أَفْعَل التفضيل: أي