للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ليكن الذبح أعجل ما أنهر الدم.

قَالَ الحافظ: وهذا وإن تمشّى عَلَى رواية أبي داود، بتقديم لفظ "أرني" عَلَى "أعجل"، لم يستقم عَلَى رواية البخاريّ بتأخيرها. وجوز بعضهم فِي رواية "أرن" بسكون الراء أن يكون منْ أرْنَانِي حُسنُ ما رأيته: أي حملني عَلَى الرُّنُوّ إليه، والمعنى عَلَى هَذَا أحْسِنِ الذبح، حَتَّى تحب أن ننظر إليك، ويؤيده حديث: "إذا ذبحتم، فأحسنوا"، أخرجه مسلم. انتهى ما فِي "الفتح". والله تعالى أعلم.

(وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) هكذا وقع هنا فِي رواية المصنّف، وكذا هو عند البخاريّ فِي "الذبائح"، وعند مسلم أيضًا بحذف قوله: "عليه"، قَالَ الحافظ: وثبتت هذه اللفظة فِي هَذَا الْحَدِيث عند البخاريّ، فِي "الشركة"، وكلام النوويّ فِي "شرح مسلم" يوهم أنها ليست فِي البخاريّ، إذ قَالَ: هكذا هو فِي النسخ كلها -يعني منْ مسلم- وفيه محذوف: أي ذُكر اسم الله عليه، أو معه، ووقع فِي رواية أبي داود وغيره: "وذكر اسم الله عليه". انتهى، فكأنه لما لم يرها فِي "الذبائح" منْ البخاريّ أيضًا، عزاها لأبي داود، إذ لو استحضرها منْ البخاريّ، ما عدل عن التصريح بذكرها فيه. وفيه اشتراط التسمية؛ لأنه علق الإذن بمجموع الأمرين: وهما الإنهار، والتسمية، والمعلق عَلَى شيئين لا يُكتفَى فيه إلا باجتماعهما، وينتفى بانتفاء أحدهما.

وَقَدْ تقدم البحث فِي اشتراط التسمية وعدمه مستوفًى فِي أوائل "كتاب الصيد والذبائح"، فراجعه تستفد.

(فَكُلُوا مَا لَمْ يَكُنْ سِنًّا، أَوْ ظُفْرًا) "ما" مصدريّة ظرفيّة، واسم "يكن" ضمير يعود إلى "ما" منْ قوله: "ما أنهر الدم": أي مدّة عدم كون ذلك الذي أنهر الدم سنًا، أو ظفرًا، وفي رواية البخاريّ: "ليس السنّ والظفر"، قَالَ فِي "الفتح": بالنصب عَلَى الاستثناء بـ"ليس"، ويجوز الرفع: أي ليس السنّ والظفر مباحًا، أو مجزئًا. وفي رواية: "غير السنّ، والظفر"، وفي رواية: "إلا سنًّا، أو ظفرًا".

(وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ) وفي رواية للبخاريّ: "وسأخبركم"، قَالَ الحافظ فِي "الفتح" ١١/ ١١١: جزم النوويّ بأنه منْ جملة المرفوع، وهو منْ كلام النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو الظاهر منْ السياق، وجزم أبو الحسن بن القطّان فِي "كتاب بيان الوهم والإيهام" بأنه مدرج منْ قول رافع بن خديج، راوي الخبر، وذكر ما حاصله: أن أكثر الرواة عن سعيد بن مسروق أوردوه عَلَى ظاهر الرفع، وأن أبا الأحوص، قَالَ فِي روايته عنه بعد قوله: "أو ظفر": "قَالَ رافع: وسأحدثكم عن ذلك" ونسب ذلك لرواية أبي داود، وهو عجيب، فإن أبا داود أخرجه عن مسدد، وليس فِي شيء منْ نسخ "السنن" قوله: "قَالَ رافع"،