وإنما فيه كما عند البخاريّ هنا بدونها، وشيخ أبي داود فيه مسدد، هو شيخ البخاريّ فيه، وَقَدْ أورده البخاريّ فِي الباب الذي بعد هَذَا، بلفظ:"غير السن والظفر، فإن السن عظم الخ"، وهو ظاهر جدا، فِي أن الجميع مرفوع. انتهى.
(أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ) قَالَ البيضاوي: هو قياس حُذفت منه المقدمة الثانية؛ لشهرتها عندهم، والتقدير: أما السن فعظم، وكل عظم لا يحل الذبح به، وطَوَى النتيجة؛ لدلالة الاستثناء عليها. وَقَالَ ابن الصلاح فِي "مشكل الوسيط": هَذَا يدل عَلَى أنه عليه الصلاة والسلام، كَانَ قد قرر كون الذكاة، لا تحصل بالعظم، فلذلك اقتصر عَلَى قوله:"فعظم"، قَالَ: ولم أر بعد البحث، منْ نقل للمنع منْ الذبح بالعظم معنى يُعقَل، وكذا وقع فِي كلام ابن عبد السلام. وَقَالَ النوويّ: معنى الْحَدِيث: لا تذبحوا بالعظام، فإنها تنجس بالدم، وَقَدْ نهيتكم عن تنجيسها؛ لأنها زاد إخوانكم منْ الجن. انتهى. وهو محتمل، ولا يقال: كَانَ يمكن تطهيرها بعد الذبح بها؛ لأن الاستنجاء بها كذلك، وَقَدْ تقرر أنه لا يجزىء. وَقَالَ ابن الجوزي فِي "المشكل": هَذَا يدل عَلَى أن الذبح بالعظم، كَانَ معهودا عندهم، أنه لا يجزىء، وقررهم الشارع عَلَى ذلك، وأشار إليه هنا. وأخرج الطبراني فِي "الأوسط" منْ حديث حذيفة، رفعه:"اذبحوا بكلّ شيء فرى الأوداج، ما خلا السنّ والظفر"، وفي سنده عبد الله بن خراش، مختلفٌ فيه، وله شاهد منْ حديث أبي أُمامة نحوه. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٥٩.
(وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ) أي وهم كفار، وَقَدْ نُهيتم عن التشبه بهم. قاله ابن الصلاح، وتبعه النوويّ. وقيل: نهى عنهما؛ لأن الذبح بهما تعذيب للحيوان، ولا يقع به غالبا، إلا الخنق، الذي ليس هو عَلَى صورة الذبح، وَقَدْ قالوا: إن الحبشة تُدمي مذابح الشاة بالظفر، حَتَّى تُزهق نفسها خَنْقًا.
واعترض عَلَى التعليل الأول، بأنه لو كَانَ كذلك؛ لامتنع الذبح بالسكين، وسائر ما يَذبح به الكفار.
وأجيب، بأن الذبح بالسكين، هو الأصل، وأما ما يلتحق بها، فهو الذي يعتبر فيه التشبّه؛ لضعفها، ومن ثَمَّ كانوا يسألون عن جواز الذبح بغير السكين وشبهها.
وروى البيهقيّ فِي "المعرفة"، منْ رواية حرملة، عن الشافعيّ: أنه حمل الظفر فِي هَذَا الْحَدِيث، عَلَى النوع الذي، يدخل فِي البخور، فَقَالَ معقول فِي الْحَدِيث، أن السن إنما يذكى بها، إذا كانت منتزعة، فأما وهي ثابتة، فلو ذبح بها لكانت منخنقة -يعني فدل عَلَى أن المراد بالسن السنن المنتزعة- وهذا بخلاف ما نقل عن الحنفية، منْ جوازه بالسن المنفصلة، قَالَ: وأما الظفر، فلو كَانَ المراد به ظفر الإنسان، لقال فيه ما قَالَ فِي