السن، لكن الظاهر أنه أراد به الظفر، الذي هو طيب منْ بلاد الحبشة، وهو لا يَفرِي، فيكون فِي معنى الخنق. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٥٦ - ٥٧. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الْحَدِيث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم تخريجه، وبيان مسائله فِي "كتاب الصيد والذبائح" ١٧/ ٤٢٩٩ - وبقي الكلام عَلَى ما ترجم المصنّف رحمه الله تعالى هنا وفي الباب الماضي، وهو النهي عن الذبح بالظفر والسنّ، فأقول:
(مسألة): فِي اختلاف أهل العلم فِي الذبح بالظفر والسنّ:
قَالَ فِي "الفتح" عند شرح حديث الباب -١١/ ٥٧ - : وفيه منع الذبح بالسن والظفر، متصلا كَانَ أو منفصلا، طاهرا كَانَ أو متنجسا. وفرق الحنفية بين السن والظفر المتصلين، فخصوا المنع بهما، وأجازوه بالمنفصلين، وفرقوا بأن المتصل يصير فِي معنى الخنق، والمنفصل فِي معنى الْحَجَر. وجزم ابن دقيق العيد يحمل الْحَدِيث عَلَى المتصلين، ثم: قَالَ واستَدَلَّ به قوم عَلَى منع الذبح بالعظم مطلقا؛ لقوله:"أما السن فعظم"، فعَلَّلَ منع الذبح به؛ لكونه عظما، والحكم يعم بعموم عدته، وَقَدْ جاء عن مالك فِي هذه المسألة أربع روايات:[ثالثها]: يجوز بالعظم، دون السن مطلقا. [رابعها]: يجوز بهما مطلقا، حكاها ابن المنذر. وحكى الطحاوي الجواز مطلقا عن قوم، واحتجوا بقوله، فِي حديث عدي بن حاتم:"أَمِرَّ الدم بما شئت"، أخرجه أبو داود، لكن عمومه مخصوص بالنهي الوارد صحيحا، فِي حديث رافع، عملا بالحديثين. وسلك الطحاوي طريقا آخر، فاحتج لمذهبه بعموم حديث عديّ، قَالَ: والاستثناء فِي حديث رافع، يقتضي تخصيص هَذَا العموم، لكنه فِي المنزوعين غيرُ محقق، وفي غير المنزوعين محقق، منْ حيث النظر، وأيضا فالذبح بالمتصلين، يشبه الخنق، وبالمنزوعين يشبه الآلة المستقلة، منْ حجر وخشب. والله أعلم. انتهى.
وَقَالَ العلّامة ابن قدامة رحمه الله تعالى فِي "المغني" ١٣/ ٣٠١ - ٣٠٣ - : ما حاصله: ويشترط فِي الآلة شرطان: [أحدهما]: أن تكون محددة تقطع، أو تخرق بحدها لا بثقلها. [والثاني]: أن لا تكون سنا، ولا ظفرا، فإذا اجتمع هذان الشرطان فِي شيء، حل الذبح به، سواء كَانَ حديدا، أو حجرا، أو بِلِطَة، أو خشبا؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنهر الدم، وذُكر اسم الله عليه فكلوا ما، لم يكن سنا أو ظفرا"، متَّفقٌ عليه. وعن عدي بن حاتم قَالَ: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أرأيت إِنْ أحدُنا أصاب صيدا، وليس معه سكتتين، أيذبح بالمروة، وشِقَّة العصا؟ فَقَالَ:"أَمْرِرِ الدم بما شئت، واذكر اسم الله". والمروة الصَّوّان. وعن رجل منْ بني حارثة، أنه كَانَ يرعى لِقحَة، فأخذها