الْإِيمَانَ} [المجادلة: ٢٢]: أي ثبّته، وجمعه، ومنه كَتَبت البغلة: إذا جمعت حياءها (الإِحْسَانَ) بكسر الهمزة، مصدر أحسن، قَالَ القرطبيّ: و"الإحسان" هنا: بمعنى الإحكام، والإكمال، والتحسين فِي الأعمال المشروعة، فحقّ منْ شرع فِي شيء منها أن يأتي به عَلَى غاية كماله، ويُحافظ عَلَى آدابه المصحّحة، والمكمّلة، وإذا فعل ذلك قُبل عمله، وكثُر ثوابه (عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) و"عَلَى" هنا بمعنى "فِي"، كما فِي قوله تعالى:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}[البقرة: ١٠٢]: أي فِي ملكه، ويقال: كَانَ كذا عَلَى عهد فلان: أي فِي عهده. حكاه الْقُتبيّ (فَإِذَا قَتَلْتُمْ) أي شرعتم فِي قتل شيء (فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ) قَالَ القرطبيّ: بكسر القاف، هي الرواية، وهي هيئة القتل، و"القَتْلَةُ" بالفتح مصدر قتل المحدود، وكذلك الرِّكْبَةُ، والمِشيةُ الكسر للاسم، والفتح للمصدر.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: المراد أن المفتوح للمرة، والمكسور للهيئة، كما قَالَ ابن مالك فِي "الخلاصة":
(وَلْيُحِدَّ) بضمّ أوّله، وكسر ثالثه، منْ الإحداد، أو منْ التحديد، يقال: أحدّ السكين، وحدّدها، واستحدّها: بمعنى. ويجوز أن يكون بفتح أوله، وضمّ ثالثه، منْ الحدّ، منْ باب قتل (أَحَدُكُم شَفْرَتَهُ) بفتح، فسكون: السكّين العريض، أي ليجعله حدًّا، سريع القطع (وَلْيُرِحْ) بضم أوله، منْ الإراحة (ذَبِيحَتَهُ) فعِيلة بمعنى مفعولة: أي مذبوحته، وجمعها ذبائح، ككريمة وكَرائم. فقوله:"وليُحدّ" تفسير لمعنى الإحسان إلى الذبحة.
قَالَ القرطبيّ: وإحسان الذبح فِي البهائم: الرفقُ بالبهيمة، فلا يصرعها بعنف، ولا يجُرّها منْ موضع إلى موضع، وإحداد الآلة، وإحضار نيّة الإباحة والقربة، وتوجيهها إلى القبلة، والتسمية، والإجهاز، وقطع الودجين، والحلقوم، وإراحتها، وتركها إلى أن تبرُد، والاعتراف لله تعالى بالمنّة، والشكر له عَلَى النعمة بأنه سخّر لنا ما لو شاء لسلّطه علينا، وأباح لنا ما لو شاء لحرّمه علينا. وَقَالَ ربيعة: منْ إحسان الذبح ألا تذبح
(١) "السّكّ": ضربٌ منْ الطب يُضاف إلى غيره منْ الطيب.