للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الْحَدِيث

(عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ) بن الزبير بن العوّام (حَدَّثَهُ) أي حدث سفيان (عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ) بن الزبير بن العوّام (عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ) الصديق رضي الله تعالى عنهما، أنها (قَالَتْ: نَحَرْنَا فَرَسًا) وفي الرواية الآتية ٣٣/ ٤٤٢٣ - منْ طريق عبدة بن سليمان، عن هشام بلفظ: "ذبحنا"، وهذا محلّ الشاهد للترجمة، حيث ورد الْحَدِيث بلفظ "نحرنا"، وبلفظ "ذبحنا"، ووجه الاستدلال به عَلَى الرخصة فِي نحو ما يُذبح، وعكسه هو أن هشامًا أطلق عَلَى ذبح الفرس النحر، فدلّ عَلَى أنَّ كلا اللفظين يُستعمل استعمالًا واحدًا، فقوله تعالى: {وَانْحَرْ} ليس إلزامًا بالنحر، فيجوز الذبح، وكذا قوله تعالى: {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} ليس بمعنى أن البقرة تذبح فقط، بل يجوز نحرها؛ لأن أحد اللفظين يطلق عَلَى ما يُطلق عليه الآخر. والله تعالى أعلم.

وَقَالَ الحافظ رحمه الله تعالى فِي "الفتح" ١١/ ٧٢ - ٧٣: ما حاصله:

ذكر البخاريّ فِي الباب، حديث أسماء بنت أبي بكر، فِي أكل الفرس، أورده منْ رواية سفيان الثوري، ومن رواية جرير، كلاهما عن هشام بن عروة، موصولا بلفظ: "نحرنا"، وَقَالَ فِي آخره: تابعه وكيع، وابن عيينة، عن هشام فِي النحر، وأورده أيضًا منْ رواية عبدة -وهو ابن سليمان- عن هشام، بلفظ: "ذبحنا"، ورواية ابن عيينة التي أشار إليها، ستأتي موصولة بعد بابين، منْ رواية الحميدي، عن سفيان -وهو ابن عيينة- به، وَقَالَ: "نحرنا"، ورواية وكيع، أخرجها أحمد عنه، بلفظ: "نحرنا"، وأخرجها مسلم، عن محمد بن عبد الله بن نمير: حدثنا أبي، وحفص بن غياث، ووكيع ثلاثتهم، عن هشام، بلفظ: "نحرنا"، وأخرجه عبد الرزاق، عن معمر، والثوري جميعًا، عن هشام بلفظ: "نحرنا"، وَقَالَ الإسماعيلي: قَالَ همام، وعيسى بن يونس، وعلي بن مسهر، عن هشام بلفظ: "نحرنا"، واختلف عَلَى حماد بن زيد، وابن عيينة، فَقَالَ أكثر أصحابهما: "نحرنا"، وَقَالَ بعضهم: "ذبحنا"، وأخرجه الدارقطني، منْ رواية مؤمل بن إسماعيل، عن الثوري، ووهيب بن خالد، ومن رواية ابن ثوبان -وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان- ومن رواية يحيى القطّان، كلهم عن هشام، بلفظ: "ذبحنا"، ومن رواية أبي معاوية، عن هشام: "انتحرنا"، وكذا أخرجه مسلم، منْ رواية أبي معاوية، وأبي أسامة، ولم يسق لفظه، وساقه أبو عوانة عنهما، بلفظ: "نحرنا".

وهذا الاختلاف كله، عن هشام، وفيه إشعار بأنه كَانَ تارة يرويه بلفظ "ذبحنا"، وتارة بلفظ "نحرنا"، وهو مصير منه إلى استواء اللفظين فِي المعنى، وأن النحر يطلق عليه ذبح، والذبح يطلق عليه نحر، ولا يتعين مع هَذَا الاختلاف، ما هو الحقيقة فِي