ذلك منْ المجاز، إلا إن رجح أحد الطريقين، وأما أنه يستفاد منْ هَذَا الاختلاف، جواز نحو المذبوح، وذبح المنحور، كما قاله بعض الشراح فبعيد؛ لأنه يستلزم أن يكون الأمر فِي ذلك، وقع مرتين، والأصل عدم التعدد، مع اتحاد المخرج، وَقَدْ جرى النوويّ عَلَى عادته، فِي الحمل عَلَى التعدد، فَقَالَ رحمه الله بعد أن ذكر اختلاف الرواة، فِي قولها:"نحرنا"، و"ذبحنا"-: يجمع بين الروايتين بأنهما قضيتان، فمرة نحروها، ومرة ذبحوها، ثم قَالَ: ويجوز أن تكون قصة واحدة، واحد اللفظين مجاز، والأول أصح، كذا قَالَ. والله أعلم. انتهى ما فِي "الفتح".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي فِي قوله: "وأما أنه يستفاد منْ هَذَا الاختلاف الخ" نظر؛ بل الظاهر استفادته منه، وهو الذي يظهر منْ صنيع البخاريّ، حيث ترجم، بقوله:"باب النحر، والذبح"، ثم أورده مستدلاً عَلَى جوازهما، وأصرح منه صنيع المصنّف، حيث قَالَ:"باب الرخصة فِي نحو ما يُذبح، وذبح ما يُنحر"، ووجه ذلك أن هشامًا أطلق النحر والذبح فِي هَذَا الْحَدِيث، فدلّ عَلَى أن ما أُطلق عليه النحر، كالبدنة يجوز ذبحه؛ وما أطلق عليه الذبح، كالبقر يجوز نحره؛ لأن ذلك الإطلاق ليس إلا عَلَى غالب الاستعمال، فلا يستلزم ذلك جواز غيره. والله تعالى أعلم.
(عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي فِي زمانه (فَأَكَلْنَاهُ) أي أكلنا لحمه، كما صرّح به فِي رواية قتيبة الآتية فِي ٣٣/ ٤٤٢٢ إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان الرخصة فِي نحو ما يُذبح، وذبح ما يُنحر، وتقدّم وجه الاستدلال قريبًا. (ومنها): جواز أكل لحم الفرس، وَقَدْ