أي زمن حضور الأضحى، ومشاهدته، وقيّده بعضهم: حَضَرَة بفتح الضاد، وفي "الصحاح": يقال: كلّمته بحَضْرَة فلان، وبمحضره: أي بمشهد منه. وحكى يعقوب: كلّمته بحَضَر فلان بالتحريك، منْ غير هاء، وكلّمته بحضرة فلان، حُضرته، وحِضرته. -أي بتثليث أوله- انتهى. "المفهم" ٥/ ٣٧٨.
وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم" ١٣/ ١٣٢: هي بفتح الحاء، وضمّها، وكسرها، والضاد ساكنة فيها كلِّها، وحكي فتحها، وهو ضعيفٌ، وإنما تُفتَح إذا حُذفت الهاء، فيقال: بحضرة فلان. انتهى.
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُوا، وَادَّخِرُوا ثَلَاثًا) زاد فِي رواية مسلم: "ثم تصدّقوا بما بقي": أي كلوا بعضه، وادّخروا بعضه مدةَ ثلاث ليال، وما فضل عن ذلك، فتصدّقوا به عَلَى هؤلاء المحتاجين (فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ) أي فِي العام الذي بعده (قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَنْتَفِعُونَ منْ أَضَاحِيِّهِمْ) بتشديد الياء، جمع أضحيّة (يَجْمُلُونَ) بالجيم، وفتح أوله، وضمه، منْ جمل، كنصر، وضرب، وأجمل، يقال: جملت الدهن، أجمِله، بكسر الميم، وأجمُلُه بضمها جملاً، وأجملته إجمالاً: أي أذبته. قاله النوويّ. وَقَالَ القرطبيّ: يقال: جملت الشحم، واجتملته: إذا أذبته، وربّما قالوا: أجملت، وهو قليل. انتهى.
(مِنْهَا) أي الأضحية (الْوَدَكَ) بفتحتين: هو الشحم، ودسم اللحم: أي يُذيبون الشحم، ويستخرجون دهنه (وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الأَسْقِيَةَ) جمع سِقاء، بالكسر، قَالَ فِي "القاموس": السقاء ككساء. جلد السَّخْلَة، إذا أجذع، يكون للماء، واللبن، جمعه أسقية، وأسقيات، وأساق. انتهى.
(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (وَمَا ذَاكَ؟) أي ما سبب قولكم هَذَا؟، مع ظهور أنه جائز (قَالَ) هكذا رواية المصنّف بالإفراد هنا، وفي "الكبرى"، ولفظ مسلم: "قالوا" بواو الجمع، وهو واضح، وما هنا أيضاً له وجه صحيح، وذلك أن الذي تولّى الجواب أحدهم، وإنما قيل فِي الأول: قالوا؛ لرضاهم بقوله. والله تعالى أعلم. وقوله (الَّذِي نَهَيْتَ) خبر لمحذوف: أي هو الذي نهيته، وقوله (مِنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الأضَاحِيِّ) بيان للموصول، والمعنى أن الذي دعانا إلى أن نسألك هو الذي نهيته فِي العام السابق، وذلك إمساك لحوم الأضاحي، وادّخارها (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّمَا نَهيْتُ لِلدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ) أي لأجل الجماعة التي أتتكم منْ البادية، أردت أن تتصدّقوا عليهم، وهذا ظاهر فيما قدّمناه منْ أن المدار هو الحاجة، وليس هَذَا منْ باب النسخ. قَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: وهذا نصّ منه -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أن المنع كَانَ لعلّة، ولَمّا ارتفعت ارتفع المنع المتقدِّم؛ لارتفاع